الأسد حيوان ضخم من فصيلة السنوريات وأحد السنوريات الأربعة الكبيرة المنتمية لجنس النمر (باللاتينية: Panthera)، وهو يُعد ثاني أكبر السنوريات في العالم بعد الببر، حيث يفوق وزن الذكور الكبيرة منه 250 كيلوغراما (550 رطلا).[1] تعيش معظم الأسود البرية المتبقية اليوم في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولا تزال جمهرة واحدة صغيرة مهددة بالانقراض تعيش في آسيا بولاية غوجرات في شمال غربي الهند. كان موطن الأسود شاسعا جدا في السابق، حيث كانت تتواجد في شمال إفريقيا، الشرق الأوسط، وآسيا الغربية، حيث انقرضت منذ بضعة قرون فقط. وحتى بداية العصر الحديث (الهولوسين، منذ حوالي 10,000 سنة)، كانت الأسود تُعتبر أكثر ثدييات اليابسة الكبرى انتشارا بعد الإنسان، حيث كانت توجد في معظم أنحاء إفريقيا، الكثير من أنحاء أوراسيا من أوروبا الغربية وصولا إلى الهند، وفي الأمريكيتين، من يوكون حتى البيرو.
يختلف أمد حياة الأسود باختلاف جنسها، فاللبوات التي تعيش في مناطق محميّة آمنة مثل منتزه كروغر الوطني قد تصل لما بين 12 و14 عاما، بحال تخطّت مخاطر ومشقات حياة الأشبال، بينما لا تتخطى الذكور 8 سنوات من حياتها إلا فيما ندر.[2] إلا أن هناك وثائق تظهر أن بعض اللبوات عاشت حتى سن 20 عام في البرية. تسكن الأسود السفانا والأراضي العشبيّة عادة، إلا أنها قد تتواجد في أراضي الأشجار القمئية والغابات في بعض الأحيان. تعتبر الأسود حيوانات اجتماعية بشكل كبير مقارنة بباقي أعضاء فصيلة السنوريات، وتُسمّى المجموعة العائلية للأسود "زمرة" باللغة العربية، وهي تتألف من إناث مرتبطة ببعضها عن طريق القرابة (أخوات، أمهات، خالات، جدّات...)، عدد من الصغار، وبضعة ذكور بالغة. تصطاد مجموعة الإناث مع بعضها في الغالب، حيث تفترس إجمالا الحافريات الكبرى، إلا أنها قد تلجأ للتقميم إن سنحت لها الفرصة. يُعدّ الأسد مفترسا فوقيّا أو رئيسيّا (لا يفترسه أي كائن حي آخر)، ونوعا أساسيّا أو عماديّا (من أنواع الحيوانات التي يرتكز وجود باقي الأنواع بتوازن على وجودها معها في نظام بيئي معيّن). على الرغم من أن الأسود لا تعتبر الإنسان طريدة طبيعية لها وغالبا ما تتجنبه، إلا أنه يُعرف عن البعض منها أنه أصبح آكلا للبشر في حالات محددة.
تصنّف الأسود على أنها من الأنواع المهددة بالانقراض بدرجة دنيا، حيث ارتفعت حدّة تراجع أعدادها من 30 إلى 50% في إفريقيا خلال العقدين الماضيين؛ [3] ويعتبر أمل الجمهرات الباقية خارج المحميات والمنتزهات القومية ضعيف للغاية. وعلى الرغم من أن سبب التراجع هذا ليس مفهوما كثيرا، إلا أن فقدان المسكن والنزاع مع البشر يعتبران أكثر الأسباب إثارة للقلق. كان يُحتفظ بالأسود في معارض الوحوش منذ أيام الإمبراطورية الرومانية، كما كانت ابتداءً من أواخر القرن الثامن عشر، ولا تزال، من الأنواع الرئيسيّة التي يسعى الناس إلى عرضها في حدائق الحيوان عبر العالم. تتعاون الكثير من حدائق الحيوانات حول العالم حاليّا لإكثار الأسود الآسيوية المهددة بالإنقراض عبر إخضاعها لبرنامج تزاوج مكثّف.
يمكن تمييز ذكر الأسد عن الأنثى بسهولة فائقة عن طريق النظر، فالأول يمتلك لبدة (شعر حول العنق) بينما لا لبدة للبؤة. يُعتبر رأس الأسد الذكر أحد أكثر الرموز الحيوانية انتشارا في الحضارة الإنسانية، حيث ظهر في العديد من المؤلفات الأدبية، المنحوتات، الرسومات، الأعلام، وفي الأدب والأفلام المعاصرة. وفي بعض الأحيان تستخدم صورة الذكر حتى ولو كان المراد بالأصل إظهار الأنثى، لأن لبدة الذكر المميزة تفرّق بين هذا النوع من السنوريات وغيره من الكبيرة منها.
إلا أنه تمّ إظهار اللبوة أيضا ووصفها في أوائل الكتابات والرسومات البشرية، حيث اعتبرت أنها بسالة الصيد بحد ذاتها، وصوّرت في أحيان على أنها أم محاربة جمعت بين صفات الحنان على أشبالها والمقدرة على الإطاحة بعدو يفوقها حجما. تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، حيث تتعاون مع بعضها بأسلوب دقيق ومعقّد للإمساك بفريستها. تطوّر كل لبوة مهارات صيد محددة لتعلب بها دورها المعين بتقنية الصيد التي تلجأ إليها زمرتها، وعادة ما تلعب الدور نفسه خلال معظم عمليات الصيد. برز وصف اللبوات وهي تصطاد في مجموعة واحدة منذ آلاف السنين، حيث يرجع أقدم هذه الأوصاف إلى رسومات ومنحوتات عُثر عليها في كهفيّ لاسو وشوفيه في فرنسا، والتي يعود تاريخها لأواخر العصر الحجري.
وقد لاحظ البشر اللاحقين هذه العادات والصفات في اللبؤات، فصوّرت حضاراتهم التي وجدت في نفس المناطق التي قطنتها الأسود أكثر آلهتهم الحربيّة شراسة، بالإضافة لمحاربيهم، على صورة اللبوة، حيث كانوا يلقبون حكّامهم الذكور "بابن اللبوة". ومن الأمثلة المستمدة من أقدم التسجيلات المكتوبة الآلهة المصرية سخمت، باخت، تفنوت، ومسخنت، وقد عبد النوبيين القدماء اباداماك الرجل برأس أو وجه الاسد. ويُحتمل بأنه كان هناك آلهة مماثلة لها جميعها في ليبيا. وتُعد بعض الآلهة المصرية الأخرى معقدة للغاية، حيث تتخذ مظاهر متنوعة، كامرأة برأس لبؤة أو لبوة تتخذ أوضاع معينة.
توصف العديد من السنوريات الكبيرة التي تظهر في المنحوتات والرسومات القديمة على أنها نمور، إلا أنه عند التدقيق في تلك الصور يظهر أنها لبوات بحال كانت تمتلك خصلة من الشعر على ذيلها. فهذه الخصلة مميزة للأسود من بين السنوريات الكبرى جميعها، وعندما يمتلك السنور في الصورة هذه الخصلة ولا يمتلك لبدة فإن هذا يدل على أنها لبوة بالتأكيد على الرغم مما يقول به المحللين المعاصرين. كما أن وجود رقط على جسد تلك السنوريات في الرسوم لا يؤكد أنها نمور، إذ أن الأشبال تمتلك رقطا ورديّة الشكل أيضا، لذلك فإنه عند محاولة تحديد نوع السنور الممثل في الصور أو المنحوتات يجب دوما التأكد من الذيل فإن كان هناك خصلة شعر على أخره ولم يمتلك الحيوان لبدة نكون بصدد لبوة، وإن لم توجد هذه الخصلة فإنه يكون نمرا.
الأسد أطول السنوريات جمعيها (عند الكتفين)، وثاني أثقل أعضاء الفصيلة بعد الببر. يمتلك الأسد فك وقوائم قويّة، وأنياب يبلغ طول الواحد منها 8 سنتيمترات (3.1 إنش)، مما يمكنه من لإمساك بطرائد ضخمة تفوقه حجما.[36] يتراوح لون الأسود من الأصفر اللامع إلى الضارب للصفار، المحمرّ، أو البني المغري القاتم. يكون القسم السفلي من الجسد أبهت من العلوي إجمالا، كما وتكون خصلة الشعر على الذيل سوداء. تولد الأشبال برقط بنية ورديّة على كامل جسدها، شبيهة برقط النمر، وعلى الرغم من أن هذه الرقط تزول عند وصول الأسد بمرحلة لبلوغ، فإنها تحتفظ بالبعض الباهت منها على قوائمها والقسم السفلي من جسدها، وبشكل خاص عند اللبوات. كان المصريون القدماء يصوّرون آلهتهم ذات شكل اللبوة برقطة ورديّة واحدة على أكتافهم.
الأسد هو نوع السنوريات الوحيد الذي يُظهر اختلافا جنسيّا بارزا للعيان بهذا الوضوح—أي أن الإناث والذكور تختلف بهيئتها عن بعضها البعض بشكل شديد الوضوح. كما أن لكل جنس دور محدد يلعبه بداخل الزمرة، فاللبؤة مثلا، وهي الصيّادة في المجموعة العائلية، تفتقد للبدة الذكر الكثيفة المرهقة التي قد تعيق قدرتها على التموّه عندما تحاول التسلل نحو فريستها، كما قد تسبب لها ارتفاعا في درجة حرارة جسدها عند المطاردة. يتراوح لون لبدة الذكر من الأشقر إلى الأسود، وعادةً ما يدكن لونها كلما تقدم الحيوان في السن.
لبوتين وأشبالهما في منتزه سان دييغو للحياة البرية.يتراوح وزن الأسود البالغة عادةً بين 150 و 250 كيلوغراما (330-550 رطلا) للذكور وبين 120 و 182 كيلوغراما (264–400 رطلا) للإناث. تفيد بعض تقارير العالمين نويل وجاكسون أن هناك أسودا وصل وزن الذكور منها إلى 181 كجم والإناث 126 كجم؛[1] وقد وصل وزن أحد الأسود الذي اصطيد بالقرب من جبل كينيا 272 كجم (600 رطل).[24] يميل حجم الأسود إلى الاختلاف باختلاف البيئة أو المنطقة التي تقطنها، الأمر الذي أدى إلى ظهور فروقات في أوزان الجمهرات المختلفة، فالأسود في أفريقيا الجنوبية مثلا يفوق وزنها وزن نظيرتها في أفريقيا الشرقية بنسبة 5% إجمالا.[37]
يتراوح طول الرأس والجسد بين 170 و 250 سنتيمترا (5 أقدام و 7 إنشات، 8 أقدام وإنشين) لدى الذكور، وبين 140 و 175 سنتيمترا (4 أقدام و 7 إنشات، 5 أقدام و 9 إنشات) لدى الإناث؛ يبلغ ارتفاع كتف الذكر حوالي 123 سنتيمتر (4 أقدام) والأنثى 107 سنتيمترات (3 أقدام و 6 إنشات). يصل طول ذيل الأسد لما بين 90 و 105 سنتيمترات (قدمين و 11 إنش، 3 أقدام و 5 إنشات) بينما يتراوح طول ذيل اللبؤة بين 70 و 100 سنتيمتر (قدمين و 4 إنشات، 3 أقدام و 3 إنشات).[1] كان أطول الأسود التي قيست يوما ذكرا أسود اللبدة، قُتل في جنوبي أنغولا في أكتوبر 1973؛ أما أثقل أسد معروف فكان آكلا للبشر أطلق عليه النار في شرق الترانسفال بجنوب إفريقيا عام 1936، وقد بلغ وزنه 313 كيلوغرام (690 رطلا).[38] تكون الأسود الأسيرة عادةً أكبر من تلك البريّة—وأثقل أسد أسير معروف كان ذكرا عاش في حديقة حيوانات كولشيستر بإنكلترا عام 1970، حيث بلغ وزنه 375 كجم (826 رطلا).[39]
أحد أبرز المظاهر الخارجية التي يتشارك بها كل من الأسود واللبوات، هي خصلة الشعر التي تقع على آخر الذيل. وفي بعض الأسود تخفي هذه الخصلة زائدة عظميّة قاسية، يبلغ طولها 55 ميلّيمتر تقريبا، مشكلة من الأقسام الأخيرة من عظام الذيل الملحومة ببعضها. يُعد الأسد السنور الوحيد الذي يمتلك خصلة من الشعر على ذيله—ولا يزال الهدف من وراء الخصلة والزائدة العظميّة غير معروفا حتى الآن، وتكون الخصلة معدومة عند الولادة لكنها تبدأ بالظهور عندما يبلغ الشبل 5½ من الأشهر ومن ثم تصبح بارزة بشكل تام عندما يبلغ 7 شهور.[40]
[عدل] اللبدة
صورة حرارية لأسد تُظهر اللبدة العازلة.
أسد إفريقي في حديقة حيوانات سانت بطرسبيرغ في روسيا، لاحظ لبدته الكثيفة والداكنة بفعل الثلج والجو البارد.إن لبدة الأسد، الفريدة بين السنوريات، تميّز هذا النوع عن أي فصيلة أو نوع آخر من الحيوانات. وهي تجعل صاحبها يبدو أكبر حجما، مما يؤمن له عاملا باعثا للخوف في نفس من يواجهه؛ وهذا يساعد الأسد خلال قتاله أو مواجهته لأسود أخرى، أو عند نزاعه مع المنافسة الرئيسية للأسود في إفريقيا وهي الضباع المرقطة.[41] يرتبط وجود اللبدة أو عدمه بالإضافة للونها وحجمها بعدة عوامل هي: صحة العوامل الوراثية، النضوج الجنسي، المناخ، ونسبة إنتاج التستوستيرون؛ والقاعدة هي أنه كلما كانت اللبدة أدكن وأكثف كلما كان الأسد بصحة جيدة. وفي عملية الإنتقاء الجنسي عند الأسود، تُفضّل اللبؤات الذكور ذوي اللبدات الدكنة الكثيفة على أولئك الذين يمتلكون اللبدات الباهتة والخفيفة.[42] أظهرت البحوث في تنزانيا أن طول اللبدة يفيد بمدى فوز الذكور المتحالفة مع بعضها بالقتال ضد الذكور الأخرى، فكلما كانت أطول أفاد هذا بأن الذكر أو الذكور المتحالفة ربحت معظم المعارك التي خاضتها، والعكس صحيح، إذ أن اللبدة تحمي عنق الذكر من الإصابات وكلما كان قد أصيب بشكل كبير على تلك المنطقة كلما تساقط المزيد من شعره، وبالتالي فإن الشعر الخفيف للأسد هو علامة لخسارته عدد من النزاعات. قد يمتلك الذكور داكني الشعر حياة تناسلية أطول، كما قد تزيد نسبة بقاء أشبالهم على قيد الحياة، على الرغم من أنهم يعانون من الحر خلال فترات السنة الأكثر حرارة.[43] وفي الزمر التي يسيطر عليها تحالف من ذكرين أو ثلاثة، يُحتمل أن تتودد اللبوات إلى الذكر أو الذكور ذوي اللبدات الكثيفة بشكل أكبر من الذكور الأخرى.[42]
أسد عديم اللبدة، يمتلك أيضا القليل من الشعر على جسده—من منتزه تسافو الشرقي الوطني، كينيا.
لبؤة ذات كشكش يؤدي في بعض الأحيان إلى الاعتقاد بأنها ذكر يافع، في حديقة حيوانات سان دييغو.كان العلماء يعتقدون سابقا أن تعريف وتمييز السلالات المختلفة للأسد يمكن أن يتم عن طريق شكلها الخارجي بما فيه اللبدة، حيث كانوا يلجأون إلى علم التشكل لتعريف بعض السلالات مثل الأسد البربري وأسد رأس الرجاء الصالح. إلا أن الأبحاث أظهرت أن العوامل البيئية، مثل حرارة الجو، هي ما يؤثر على لون وحجم اللبدة،[43] فالحرارة في حدائق الحيوان الأميركية والأوروبية مثلا تؤدي إلى نمو لبدات أكبر واسمك لذكور الأسود. وبالتالي فإن هذه الطريقة في تعريف السلالات المتنوعة تعدّ غير فعّآلة،[20][44] إلا أن السلالة الآسيوية يمكن تعريفها، على الرغم من ذلك، بواسطة لبدتها الضئيلة الأصغر حجما من لبدات الأسود الإفريقية.[45]
تمّ التبليغ أيضا عن أسود عديمة اللبدة في السنغال ومنتزه تسافو الشرقي الوطني في كينيا، كما أن الأسد الأبيض الرئيسي الأول من منطقة تمبافيتي كان أيضا عديم اللبدة. كما أن هناك أسود مقنزعة أو ذات أعراف بسيطة. يمكن العثور على ذكور بدون لبدة إجمالا في جمهرات الأسود التي تناسلت داخليّا بشكل كبير؛ ويؤدي التناسل الداخلي أيضا إلى هبوط في نسبة الخصوبة لدى هذه الحيوانات.[46]
تمتلك الكثير من اللبؤات كشكش على عنقها يمكن رؤيته بحال جلست في أوضاع معينة. وفي بعض الأحيان يظهر هذا في الرسومات والنحوتات الفنية القديمة بشكل خاص، حيث تُفسّر إجمالا، خطأ، على أنها أسود ذكور. يختلف الكشكش عن اللبدة بأنه أقصر على الفك الأسفل ونادرا ما يمكن رؤيته، بينما تمتد اللبدة لما فوق أذنيّ الذكور، وغالبا ما تعتم على خطها المحيطي الخارجي كليّا.
تظهر الرسومات الكهفيّة لأسد الكهوف الأوروبي المنقرض حيوانات عديمة اللبدة بشكل حصريّ، أو ذات لبدة بسيطة جدا، مما جعل بعض العلماء يفترضون أنها كانت خفيفة أو عديمة اللبدة بشكل أو بأخر،[27] إلا أنه يُحتمل أن تكون الأسود المرسومة إناثا تصطاد لزمرتها—بما أنها تظهر في مجموعة تطارد فريستها—لذا فإن هذه الرسوم لا يمكن الاعتماد عليها للحكم على أسود الكهوف بأنها امتلكت لبدة أو لم تمتلك. إلا أن الرسومات تقترح أن هذه السلالة المنقرضة كانت تلجأ لنفس التنظيم الإجتماعي واستراتيجيات الصيد التي تستعملها الأسود المعاصرة.
[عدل] الأسود البيضاء
أسد أبيض.الأسد الأبيض ليس بسلالة مستقلة، بل مجرّد شكل فريد ذو حالة وراثيّة تعرف بالبياض أو عدم اللون،[19] مما يجعل لون جلده باهتا بشكل كبير، أكثر من الببر الأبيض حتى؛ وتتشابه هذه الحالة مع حالة الداكنيّة، التي تتولّد عنها النمور السوداء. ولا تعتبر الأسود البيضاء مهقاء، إذ أنها تمتلك أصباغا لونيّة عاديّة في أعينها وجلدها، بينما الحيوان الأمهق لا يمتلك هذا مما يؤدي لولادته بعيون وأنف ورديّ. تمّت رؤية أفراد من أسود الترانسفال البيضاء (من سلالة كروغر، Panthera leo krugeri) في وحول منتزه كروغر الوطني ومحمية طرائد تمبافاتي الخاصة المجاورة في بعض الأحيان، إلا أن هذه الأسود تعد مألوفة أكثر في الأسر، حيث يقوم مربيها بتزويجها إنتقائيّا عن عمد. يعود السبب وراء امتلاك هذه الحيوانات معطفا قشدي اللون إلى أنها تمتلك مورثة غالبة تدحر المورثة التي تحمل اللون المصفر وتبرز بدلا منها.[47] يُزعم أن الأسود البيضاء تُربى في بعض المخيمات بجنوب إفريقيا كي تستخدم في عمليات الصيد المعلب (الصيد بداخل منطقة مسيجة لا يستطيع الحيوان الهرب منها) حيث يدفع بعض الصيادين مبالغ طائلة مقابل احتفاظهم بتذكار صيد فريد كرأس أو جلد أسد أبيض.[48]
لم يكن وجود الأسود البيضاء مؤكدا حتى أواخر القرن العشرين. فلمئات السنين السابقة، كان يُعتقد أن قصة وجودها وكل ما وصل عنها من أخبار ومعلومات ليس سوى أساطير ملفّقة تدور في جنوب إفريقيا، حيث كان يُقال أن الأهاب الأبيض للحيوان يمثل الطيبة في جميع المخلوقات. وردت أولى التقارير التي تفيد برؤية هذه الحيوانات في أوائل القرن العشرين، واستمرت بالورود بشكل متقطّع نادر لحوالي خمسين سنة، إلى أن عُثر على بطن من الأشبال البيضاء في محمية طرائد تمبافاتي الخاصة عام 1975.[49]
[عدل] السلوك والخواص الأحيائية
تمضي الأسود معظم وقتها وهي تستريح حيث تقضي حوالي 20 ساعة من النهار وهي خاملة.[50] وعلى الرغم من أن هذه الحيوانات قد تنشط في أي وقت من اليوم، إلا أن ذروة نشاطها تكون بعد الغسق، حيث تخصص فترة لتختلط مع بعضها، تسوس نفسها، وتتغوّط. كما وتنشط لفترات متقطعة خلال الليل حتى بزوغ الفجر، أي في الفترة التي غالبا ما تتجه فيها للصيد. تمضي الأسود قرابة ساعتين في النهار وهي تمشي، وحوالي 50 دقيقة وهي تقتات.[51]
[عدل] التنظيم الإجتماعي
الأسود لواحم مفترسة تُظهر شكلين من التنظيم الاجتماعي. فالبعض منها مقيم، يعيش في مجموعة عائلية تُسمى زمرة،[52] وتتألف الزمرة عادة من قرابة خمس أو ست لبوات مرتبطة ببعضها عن طريق القرابة، بالإضافة لأشبالها من كلا الجنسين، وذكر واحد أو ذكرين يطلق عليهما تعبير التحالف الذكوري والذين يتزاوجان مع جميع الإناث البالغة (على الرغم من أن هناك بعض الزمر الكبيرة جدا التي يصل عدد أفرادها إلى 30). يصل عدد الذكور في التحالف إلى اثنين في أكثر الأحيان، إلا أنه قد يزداد حتى 4 ويقل مجددا مع مرور الوقت. تُطرد الأشبال الذكور من زمرتها الأموميّة عندما تصل لمرحلة البلوغ.
زمرة أسود، تتألف من ذكر بالغ وبضعة إناث بالإضافة لأشبال مراهقة، تبدأ بالتحرك في ماساي مارا، كينيا.يُسمّى سلوك الأسود الآخر الارتحال، حيث لا يستقر البعض منها في منطقة معينة بل يستمر بالتنقل لمسافات شاسعة، إما بمفرده أو بأزواج، بين الفترة والأخرى.[52] تتبع الذكور العازبة ذات القربى هذا السلوك إجمالا، والتي تكون قد طردت من زمرتها الأمومية؛ ويلاحظ أن الأسود قد تغيّر من نمط حياتها فتتحول من مرتحلة إلى مقيمة والعكس صحيح. تمر جميع الذكور بهذه المرحلة، والبعض منها قد لا يتخطاها بحال لم ينجح بالسيطرة على زمرة جديدة، أما الإناث فإن تحوّلها لنمط الارتحال أصعب عليها من الذكور، فبحال طُردت أنثى من زمرتها فلن تستطيع الانضمام لزمرة أخرى بسهولة، إذ أن جميع الزمر تتكون من إناث ذوات قربى ترفض معظم محاولات أي أنثى أخرى من زمرة مختلفة بالانضمام إليها.
تُسمى المنطقة التي تقطنها زمرة الأسود الحوز أو حوز الزمرة، بينما تُسمى منطقة الأسد المرتحل الموطن أو الإقليم.[52] تبقى الذكور البالغة التي سيطرت على مجموعة من الإناث على حدود الحوز معظم أوقاتها لتدافع عنه ضد الذكور الأخرى، حيث تقوم بجولات واسعة يوميّة عبره وترش بولها على الأشجار والشجيرات لتترك رائحتها كإنذار لأي ذكر دخيل بوجودها في المنطقة. لا يزال سبب تطوّر السلوك الاجتماعي للبؤات—وتفردها به بين جميع أنواع السنوريات الأخرى—موضوع جدل كبير بين العلماء، ويظهر بأن ازدياد نسبة نجاحها في الصيد هي العامل الأبرز والأوضح الذي جعلها تلجأ لأسلوب العيش الجماعي، إلا أن هذا الأمر يصبح أقل من مؤكد عند دراستها عن قرب: فالصيد المنسّق يزيد من نسبة نجاحها في الافتراس، ولكنه يضمن أيضا أن الأفراد التي لم تخرج للصيد لن تستهلك نفس نسبة السعرات الحرارية للفرد كما ستفعل باقي الأسود، مما يعني أن الزمرة لن تضطر للإصطياد مرة أخرى حتى بضعة أيام، ولكن البعض من تلك الأفراد قد يُترك لحراسة الأشبال التي لولا ذلك تبقى بمفردها لفترة طويلة مما يعرضها لخطر الضواري الأخرى، أو يلعب دورا في تربيتها. تُعد صحة وسلامة اللبوات الصيّادة أهم الأسس لبقاء الزمرة، لذا فإن تلك اللبؤات تكون أول من يتقدم للأكل (بحال لم تتواجد الذكور). وتشمل المنافع الأخرى التي يفترضها العلماء: إنتقاء القربى (أي أن الأسد قد يُفضل أن يُشارك غذائه مع أسد قريب له بدلا من أسد غريب)، حماية الصغار، الحفاظ على الحوز، وتأمين كل فرد على نفسه ضد الجوع أو الإصابة، أي أن كل فرد من الزمرة يستطيع أن يتأكد من أنه سيحظى بالطعام دوما، وبالعناية بحال أصيب لأن باقي الزمرة تحتاج إليه في كل ما سبق.[24]
لبوة تندفع بسرعة خلال عملية صيد في السيرينغتي.تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، كونها أصغر حجما، أسرع، وأكثر رشاقة من الذكور، ولا تعيقها اللبدة الكبيرة الكثيفة الواضحة للعيان، والتي تسبب ارتفاعا في درجة حرارة الجسد أثناء المطاردة. تتصرف الأسود كوحدة صيد منظمة كي تستطيع التسلل نحو طريدتها والإمساك بها بنجاح، وبحال كانت الذكور بالجوار فإنها تسيطر على الفريسة فورا ما إن تمسك بها اللبوات وتستفرد بها، ويُحتمل بأن تُشارك الذكور الأشبال في طعامها أكثر من الإناث، إلا أنها لا تشارك أي منهما بحال كانت قد أمسكت بتلك الفريسة بمفردها. تقتات الأسود على الطرائد الأصغر حجما في موقع قتلها، وبالتالي فإن الصيادات هي من يتشاركها فقط؛ أما إذا كانت الطريدة كبيرة فإنها تقوم بجرّها إلى حوز الزمرة. تتشارك الأسود مع بعضها بشكل أكبر عند إمساكها بفريسة كبيرة،[53] على الرغم من أن أفراد الزمرة عندئذ يتصرفون بعدائية تجاه بعضهم البعض لأن كل منهم يحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من الطعام.
تدافع كل من الذكور والإناث عن الزمرة ضد أي أسود دخيلة أخرى. تقود بعض الأسود نفسها الهجوم ضد الدخلاء باستمرار، بينما يتلكأ البعض في الخلف دوما.[54] تميل الأسود لأن تمتلك أدوارا محددة في الزمرة، فتلك المتلكأة قد تؤمن خدمات مفيدة أخرى للمجموعة مثل حماية الأشبال أو صدّ الهجوم من الوراء.[55] ومن الإفتراضات المقابلة أن هناك ما يعود بالنفع على الأسد الذي يقود الهجوم على الدخلاء، وما يبرز ذلك هو رتبة اللبوات بداخل الزمرة، فاللبوة القائدة هي الأعلى مرتبةً.[56] وكذلك الأمر بالنسبة للذكور المسيطرة على الزمرة، إذ عليهم الدفاع عنها ضد الذكور الغريبة كي يتسنّى لهم بالمقابل التزاوج مع الإناث والحفاظ على نسلهم. لا تتحمل الإناث المنتمية لوحدة اجتماعية مستقرة بداخل زمرة أي أنثى غريبة عنها؛[57] فلا يتغير عدد المنتسبين للمجموعة من اللبؤات إلا بولادة أو موت لبوات جديدات،[58] على الرغم من أن بعض الإناث قد تغادر عائلتها وتصبح مرتحلة.[59] أما الذكور المراهقة من الناحية الأخرى، فتغادر الزمرة عندما تنضج جنسيّا، أي بين سن 2 و 3 سنوات.[59]
[عدل] الحمية والصيد
على الرغم من أن اللبؤة تمتلك أسنانا حادة جدا، إلا أن الطريدة تُقتل عادة بواسطة الخنق.الأسود حيوانات قويّة تصطاد عادةً في مجموعة منظمة وتختار فريسة واحدة محددة. إلا أنه لا يُعرف عنها قدرتها على التحمّل - فوزن قلب اللبؤة مثلا، يشكل ما نسبته 0.57% فقط من إجمالي وزن جسدها (والذكر حوالي 0.45%)، بينما يقارب وزن قلب الضبع 1% من إجمالي وزن الجسد،[58] وبالتالي فإنه وإن كانت اللبوات قادرة على الوصول إلى سرعة 59 كيلومتر في الساعة[60] (40 ميل في الساعة) فإنها لا تستطيع الحفاظ على هذه السرعة إلا لفترة قصيرة،[61] لذا يجب أن تكون قريبة من طريدتها بما فيه الكفاية قبل أن تهاجم. تستغل الأسود أي عامل من شأنه أن يقلل من احتمال رؤيتها من قبل الطريدة؛ حيث تتم معظم عمليات الصيد بالقرب من مصدر جيّد للتخفي كالأعشاب العالية أو التلال، أو أثناء الليل.[62] تتسلل الأسود نحو ضحيتها حتى تصبح على مقربة 30 متر تقريبا (98 قدم)، وتقوم اللبؤات عادةً بإحاطة القطيع من عدة نواح، وما أن تقترب بما فيه الكفاية حتى تنتقي أقرب أفراد القطيع إليها. يكون الهجوم سريعا وقصيرا؛ حيث تميل إلى إمساك ضحيتها عبر اندفاع سريع نحوها ومن ثم القفز عليها من الخلف. تُقتل الطريدة بواسطة الخنق،[63] مما يسبب لها إقفارا دماغيا أو أزمة قلبية بسبب انقطاع الأكسجين عنها. يمكن أن يقتل الأسد طريدته أيضا عن طريق إطباق فكيه على فمها[1] (مما يسبب لها إختناقا أيضا)، أما الطرائد الصغيرة فقد تُقتل بواسطة ضربة وحيدة من كف الأسد.[1]
تتألف طرائد الأسود من الثدييات الكبيرة إجمالا، وهي تظهر تفضيلا للنو، حمر الزرد، الإمبالا، الجواميس الإفريقية، والخنازير الثؤلولية في إفريقيا، وللنلجاي، الخنازير البرية، والعديد من أنواع الأيائل في الهند، كما كانت تصطاد أنواعا أخرى من الطرائد في موطنها السابق الممتد عبر أوراسيا مثل الأحصنة البرية، البيزون الأوروبي، الأرخص، الأيل الأحمر، وحتى الموظ. تصطاد الأسود حاليّا أنواعا عديدة أخرى من الحيوانات، بناءً على مدى توفرها، وهذا يشمل بشكل رئيسي، الحافريات التي يتراوح وزنها بين 50 و 300 كجم (110–660 رطلا) من شاكلة المرامري (الكود)، الثيتل، مها إفريقيا الجنوبية (الجمزبوكة)، والعلند (البُقة).[1] وفي بعض الأحيان قد تمسك بأنواع أصغر حجما مثل غزال طومسون والظبي القفّاز (القوفز)، وهناك البعض من الأسود الذي يقتات بشكل حصري تقريبا على نوع محدد من الفرائس، مثل الأسود القاطنة بالقرب من ساحل صحراء ناميب والتي تفترس فقمات الفراء بشكل مكثّف.[64] تستطيع الأسود التي تصطاد في جماعات أن تمسك بمعظم أنواع الحيوانات التي تقابلها، بما فيها الصحيّة حتى، ولكنها نادرا ما تهاجم الطرائد الضخمة جدا مثل ذكور الجواميس، أو ذكور الزرافات البالغة بسبب احتمال إصابتها بجراح بالغة في هكذا معركة مما قد يقتلها أو يقعدها.
مجموعة لبؤات تتعاون معا على إسقاط جاموس إفريقي في دلتا أوكافانغو ببوتسوانا.
أسود من منطقة نهر سافوتي ببواتسوانا وقد انتهت من الاقتيات على جيفة فيل قامت بقتله. يُعرف عن أسود هذه المنطقة صيدها للأفيال بما فيها البالغة أحيانا.
اللبؤات الصيادة في الزمرة يتشاركن بالتهام حمار زرد في الموقع نفسه الذي قتلت فيه الطريدة.أظهرت إحصائيات مكثفة جمّعت عن طريق عدد من الدراسات أن الأسود عادةً تقتات على الثدييات التي يتراوح وزنها بين 190 و 550 كيلوغراما (420–1210 أرطال). يتصدر النو قائمة طرائد الأسد المفضلة (حيث يُشكل نصف ما تفترسه الأسود تقريبا في السيرنغتي بشرق أفريقيا) يليه حمار الزرد،[65] وتُستبعد عادة معظم أفراس النهر البالغة، وحيدة القرن، الفيلة، والغزلان الصغيرة الحجم، الإمبالا، وغيرها من الظباء الرشيقة. إلا أن الزرافات والجواميس تعتبر من ضمن الطرائد المألوفة في بعض المناطق، كما في منتزه كروغر الوطني حيث تصطاد الأسود الزرائف بشكل منتظم،[66] ومنتزه مانيارا الذي تشكّل الجواميس الإفريقية فيه حوالي 62% من حمية الأسود،[67] بسبب غزارة أعدادها. قد تفترس الزمرة في بعض الأحيان النادرة أفراس النهر البالغة أيضا، أما وحيدات القرن البالغة فعادةً ما يتم تجنبها. ومن الطرائد التي تقتات عليها الأسود بحال توافرها الخنازير الثؤلولية، على الرغم من أن وزنها يقل عن 190 كجم (420 رطلا)،[68] وفي بعض المناطق تختص هذه السنوريات بصيد نوع محدد من الفرائس؛ كما هي الحال في نهر سافوتي ببوتسوانا، حيث تقتات على الفيلة بشكل مكثّف.[69] وقد أفاد المرشدون في المنطقة أن الأسود دفعها الجوع الشديد إلى مهاجمة الدغافل في بداية الأمر، ثم انتقلت إلى الفيلة المراهقة، وفي بعض الأحيان أمسكت بفيلة بالغة تحت جنح الظلام، أي في الفترة التي يكون فيها نظر الفيلة ضعيفا.[70] تفترس الأسود الماشية المستأنسة كذلك الأمر، ففي الهند تشكّل الأبقار والجواميس المستأنسة جزءًا مهمّا من حميتها،[45] وتعتبر قادرة على قتل ضوار أخرى من شاكلة النمور، الفهود، الضباع، والكلاب البرية، إلا أنها (على العكس من معظم السنوريات الأخرى) نادرا ما تفترس منافسها بعد قتله. تقمم الأسود أيضا جيف الحيوانات التي ماتت لأسباب طبيعية أو قتلها مفترس أخر، وهي تبقى متنبهة للنسور الحائمة في الجو، إذ أنها تفيد بوجود ميتة ما أو حيوان ينازع.[71] تتخم الأسود أنفسها عند الإقتيات حيث قد يأكل الواحد منها 30 كيلوغرام (66 رطل) من اللحم في جلسة واحدة؛[72] وإن كان غير قادر على التهام الطريدة بأكملها فسوف يستريح لبضعة ساعات قبل أن يعاود الأكل، وفي الأيام الحارّة قد تلجأ الزمرة إلى الظلال لتهضم طعامها، وتترك ذكر واحد أو إثنين للحراسة.[73] تحتاج اللبؤة البالغة إلى 5 كيلوغرامات (11 رطلا) من اللحم يوميّا، بينما يحتاج الذكر إلى 7 كيلوغرامات (15.4 أرطال).[74]
يزيد الصيد الجماعي للبوات من نسبة احتمال إمساكها بطريدة، خصوصا وأنها تصطاد في المساحات المفتوحة مما يمكن الطرائد من رؤيتها من على بعد شاسع؛ ويزيد أسلوب الصيد هذا أيضا من نسبة احتمال إمساكها بإحدى الطرائد الضخمة. ويُمكن العمل الجماعي أيضا الأسود من الدفاع عن طريدتها بشكل أفضل ضد الضواري الكبيرة الأخرى مثل الضباع التي تستدل بسهولة على موقع الإقتيات عن طريق رؤية النسور الحائمة فوقه في السفانا المفتوحة. تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، وفي صيد نمطيّ، تحتل كل لبوة موقع مفضّل لها بداخل المجموعة، فإمّا تتسلل نحو الطريدة على "جناح" المجموعة ومن ثمّ تهاجمها، أو تتقدم لمسافة قصيرة في وسط المجموعة ومن ثم تهاجم الفريسة الهاربة من اللبؤات الأخرى.[75]
سبعة أسود بالقرب من الطريق في محمية ماساي مارا، كينيا.لا تشارك ذكور الأسود المسيطرة على زمرة في الصيد عادةً، إلا عندما تكون الطريدة ضخمة جدا مثل الزرافة أو الجاموس. أما الذكور العازبة التي لم تسيطر على زمرة خاصة بها بعد فتكون مضطرّة للصيد بنفسها، وقد تمّ رؤية وتوثيق أسود ذكور وهي تصطاد في مجموعة. تُظهر الأشبال سلوك التسلل لأول مرة عندما تبلغ من العمر 3 أشهر، ولكنها لا تشارك في الصيد الفعلي إلا عندما تبلغ حوالي السنة من العمر، وتبدأ بالصيد بفعالية عندما تقارب عامها الثاني.[76]
[عدل] التناسل ودورة الحياة
تكون معظم اللبؤات قد تناسلت وأنجبت قبل أن تبلغ أربع سنين من العمر،[77] والأسود ليس لها موسم محدد للتزاوج، فقد يتم هذا في أي وقت من السنة، وتُعد الإناث متعددة النزوة.[78] يمتلك الأسد الذكر، كما باقي السنوريات، أشواك خلفيّة الإتجاه على قضيبه، وتحتك هذه الأشواك بجدران رحم الأنثى عندما يقوم الذكر بإخراجه مما قد يحث على الإباضة.[79] قد تتزاوج الأنثى مع أكثر من ذكر عندما تكون في دورتها النزوية؛[80] وخلال فترة التزاوج، التي قد تمتد لبضعة أيام، يتجامع الزوجان لما بين 20 إلى 50 مرة في اليوم وقد يهملا الإقتيات حتى طيلة هذه الفترة. تتناسل الأسود بشكل جيّد في الأسر.
يتجامع الزوج من الأسود ما بين 20 إلى 40 مرة في اليوم على مدى عدّة أيام أثناء فترة التزاوج.يبلغ متوسط فترة الحمل حوالي 110 أيام،[78] تضع بعدها الأنثى بطنا يتألف من شبل واحد إلى 4 في مخبأ معزول (قد يكون أجاما كثيفة، غابة قصب، كهف، أو غيره من المواقع الأمنة) بعيدا عن باقي الزمرة في العادة. تصطاد الأم خلال هذه الفترة التي تكون الصغار فيها ضعيفة بمفردها، لكنها تبقى قريبة من الأجام أو الجحر الذي خبأتهم فيه.[81] تولد الأشبال عمياء—ولا تتفتح أعينها حتى بعد أسبوع من الولادة، ويتراوح وزنها بين 1.2 و 2.1 كيلوغرام (2.6–4.6 أرطال)، ولا يكون لها أي حول أو قوّة، حيث تبدأ بالزحف بعد يوم أو يومين من الولادة، ولا تمشي قبل أن تبلغ ثلاثة أسابيع.[82] تنقل اللبوة أشبالها إلى جحر جديد عدّة مرات في الشهر، حيث تحملها واحدا واحدا من مؤخرة عنقها، كي تمنع إفاحة رائحتها في موقع واحد مما قد يؤدي إلى جذب انتباه الضواري التي قد تقتلها أو تؤذيها.[81]
لا تعود الأم للإختلاط وأشبالها مع باقي الزمرة إلا حين تبلغ الأشبال ما بين 6 إلى 8 أسابيع،[83] إلا أنه في بعض الأحيان يتم تعريف الزمرة بالصغار في وقت أبكر، وخصوصا أن كانت إناثا أخرى قد أنجبت في ذات الوقت تقريبا. فاللبؤات المنتمية لذات الزمرة تزامن دورتها التناسليّة مع بعضها غالبا كي تتعاون على تربية وإرضاع الصغار (ما إن تتخطى الأشبال مرحلة العزلة الأوليّة مع والدتها)، التي ترضع بدورها من أي أنثى أو من جميع الإناث المرضعة بداخل الزمرة دون أي تمييز أو تفضيل. وبالإضافة إلى أن تزامن الولادات يؤدي إلى حمايتها بشكل أفضل، فإنها بهذا تكون جميعها بنفس الحجم وبالتالي تكون فرص بقائها متساوية. وبحال أنجبت لبوة بطنا من الأشبال بعد بضعة شهور من لبوة أخرى، فإن الأشبال الكبيرة تهيمن على تلك الصغيرة، كونها أكبر حجما منها، أثناء فترة الإقتيات—وكنتيجة لهذا، فإن الموت جوعا يعدّ سببا مألوفا بين الأشبال الصغيرة أكثر من أشقاؤها الأكبر سنا.
لبوة حامل (على يمين الصورة).تتعرض الأشبال لعدد من المخاطر أثناء فترة حياتها الأولى، فبالإضافة للموت جوعا، هناك خطر الافتراس من ضوار أخرى من شاكلة بنات آوى، الضباع، النمور، العقبان المحاربة، الأفاعي، وحتى الجواميس بحال التقطت رائحة الأشبال، حيث تتجه عند ذلك إلى الموقع الذي تفوح منه الرائحة والذي تختبئ فيه الصغار وتفعل ما بوسعها كي تسحقها وتقضي عليها، فيما يقوم بعض أفراد القطيع بمطاردة اللبؤة وإبعادها عن المكان. وبالإضافة لذلك، عندما يقوم ذكر أو إثنين بخلع الذكر المسيطر أو تحالف الذكور، والسيطرة على الزمرة بدلا منه، فإنهما يسعيان إلى قتل جميع الأشبال غير البالغة،[84] ولعلّ السبب وراء ذلك هو أن الإناث لا تصبح خصبة ومتقبلة مجددا إلا حينما تنضج أشبالها أو تنفق. وبالإجمال، يموت حوالي 80% من صغار الأسود قبل أن يبلغ السنتين من العمر.[85]
تفتقد الأشبال للجرأة عندما يتم تعريفها بباقي أعضاء الزمرة لأول مرة، ولا تتصرف معها بنفس الأسلوب الذي تتصرفه مع والدتها، إلا أنها سرعان ما تبدأ بالإنغماس في حياة الزمرة، فتبدأ باللعب مع بعضها البعض، أو تحاول ذلك مع أحد الأفراد البالغين. تكون اللبؤة ذات الأشبال أكثر تحمّلا لأشبال لبؤة أخرى من تلك التي لا صغار لديها، أماّ تحمّل الذكور للأشبال فيختلف—ففي بعض الأحيان، يكون الذكر صبورا ويسمح للأشبال باللعب بذيله أو لبدته، وفي أحيان أخرى يزمجر عليها أو يضربها كي تبتعد عنه.[86]
يختلف تحمّل ذكور الأسود للأشبال بين الأفراد وبحسب مزاجها. إلا أنها، بالرغم من ذلك، أكثر احتمالا أن تشارك الطريدة معها عوضا عن مشاركتها مع اللبوات.تُفطم الأشبال بعد حوالي 6 أو 7 شهور. تصل الذكور لمرحلة النضج الجنسي عندما تبلغ ثلاث سنوات من العمر، وفي عامها الرابع أو الخامس تصبح قادرة على تحدي ذكر مسيطر والإطاحة به ومن ثم الحلول مكانه في زعامة الزمرة. تبدأ الأسود بالهرم والضعف عندما تبلغ ما بين 10 و 15 سنة على الأكثر،[87] هذا إذا لم تُصاب أي إصابة بالغة سابقة عندما كانت تحاول الدفاع عن زمرتها (ما إن تُطرد الذكور من زمرتها بفعل تغلّب ذكر أخر عليها فإنها من النادر أن تستطيع السيطرة على زمرة أخرى مجددا). إن قصر أمد سيطرة الذكور على مجموعة خاصة بها يترك بالتالي مجالا ضيقا لذريتها كي تصل لمرحلة النضوج قبل أن يُطاح بأبائها، لذلك فإن كانت قادرة على التناسل بعد سيطرتها على الزمرة مباشرةً فإن هذا يعني أن المزيد من أشبالها سيصل سن البلوغ قبل أن يسيطر ذكر جديد على المجموعة والذي قد يقوم بقتلها جميعا إذا كانت ما تزال غير ناضجة. تحاول اللبوة غالبا الدفاع عن أشبالها بشراسة ضد الذكر المغتصب، لكن هذه المحاولات نادرا ما تنجح، حيث يقتل الذكر جميع الأشبال البالغة أقل من سنتين. إن اللبؤة أصغر حجما وأخف وزنا من الأسد، لذا فإن التعاون بين ثلاث أو أربع إناث من الزمرة قد ينجح في ردّ الذكر عن الصغار أكثر من قيام لبوة وحيدة بهذا الأمر.[84]
ليست الذكور وحدها من يُطرد من الزمرة لتعيش حياة الإرتحال عند بلوغها، على العكس مما يظنه العامّة، فعلى الرغم من أن معظم الإناث تبقى في الزمرة التي ولدت فيها، فإنه حينما تكبر الزمرة كثيرا يُطرد الجيل الثاني من اللبؤات وتُرغم على تأسيس حوز خاص بها. بالإضافة لذلك، عندما يسيطر ذكر جديد على الزمرة يقوم بطرد جميع الأسود المراهقة بما فيها الذكور والإناث في بعض الأحيان.[88] تعدّ حياة اللبوة المرتحلة شديدة القساوة، فهي نادرا ما تستطيع أن تقوم بتربية أشبالها حتى تصل لسن البلوغ، بدون مساعدة وحماية أفراد أخرى من زمرتها.
تُفيد إحدى الدراسات أن كل من ذكور وإناث الأسود يُظهر سلوكا مثليّا في بعض الأحيان.[89][90] فذكور الأسود تجول لعدّة أيام مع بعضها وتنشأ خلالها رابطة فيما بينها يتولد عنها سلوك مثليّ يتضمن احتكاك برؤوس بعضها وبعض المداعبة التي تؤدي في النهاية لمحاولة الجماع. أظهرت دراسة أخرى أن نسبة الجماع الذي تحاوله الذكور مع بعضها يصل لحوالي 8%. أما اللبؤات فتظهر سلوكا مثليّا في الأسر بشكل مألوف، ولكنه لم يتم تسجيل هذا السلوك لها في البرية حتى الآن. ويفترض البعض أن ما يدفع الذكور لهذا السلوك هو الكبت الجنسي الذي تتعرض له طيلة فترة بعدها عن الإناث، أي أثناء تجوالها على حدود الحوز للدفاع عنه، بالإضافة للفترة الطويلة التي تتطلبها اللبوة كي تصبح متقبلة جنسيا مجددا، أي بعد سنتين عندما تنضج أشبالها.
[عدل] الصحة
تُظهر الأدلّة أن معظم الأسود، على الرغم من عدم وجود مفترسات لها، تموت بشكل عنيف بسبب النزاع مع البشر أو غيرها من الأسود،[91] ويصدق هذا القول على الذكور منها بالتحديد، التي يُحتمل أن تحتك بعنف بشكل أكبر من الإناث مع ذكور منافسة، كونها الحارسة الأساسية للزمرة. وعلى الرغم من أن ذكور الأسود قد تصل لسن 15 أو 16 عاما في البريّة بحال لم يُطح بها أي ذكر أخر، فإن أكثرها لا يعيش أكثر من 10 سنوات، ولهذا السبب فإن متوسط حياة الأسد يكون أقل من ذاك الخاص باللبوة في البريّة بشكل ملحوظ. يمكن للأفراد من كلا الجنسين أن يُصابا بجراح بالغة أو حتى تُقتل عندما تتقاتل زمرتين تتقاطع أحوازها مع بعضها البعض.
تُصاب معظم الأسود بعدد من أنواع القرادات، التي تجتاج الأذنين، العنق، والأربيّة (أصل الفخذ).[92][93] كما وقد تمّ عزل عدّة عينات بالغة من الديدان الشريطية التابعة لجنس Taenia من أمعاء الكثير من الأسود، حيث كانت قد هضمتها وهي لا تزال بعد يرقانات، عندما اقتاتت على لحم الظباء الغني بها.[94] أصيبت الأسود في فوهة نغورنغورو بوباء نقله ذباب الخيل (Stomoxys calcitrans) عام 1962؛ مما أدى إلى ظهور بقع دمويّة عارية على جسدها، كما وأصيبت بهزال شديد جرّاء هذا المرض، وقد حاولت الأسود أن تتفادى لدغات الذباب عبر تسلّق الأشجار أو اللجوء إلى جحور الضباع ولكن دون جدوى؛ فنفق الكثير منها أو هاجر إلى مناطق أخرى مما أدى إلى انخفاض عدد الجمهرة من 70 إلى 15 فردا فقط،[95] وقد عاد هذا الوباء وتفشّى مؤخرا عام 2001 ولكنه لم يقتل سوى ستة أسود.[96] تكون الأسود معرّضة، في الأسر خصوصا، لعدد من الفيروسات مثل سل الكلاب أو حمى الهررة (CDV)، فيروس نقص مناعة السنوريات (FIV)، والتهاب صفاق السنوريات[19] (FIP). ينتقل سل الكلاب إلى الأسود عبر احتكاكها مع الكلاب المستأنسة وغيره من اللواحم؛ وفي عام 1994 تفشّى هذا المرض في منتزه السيرنغتي الوطني مما أدى بظهور أعراض توافق عصبي عند الأسود مثل الإنقباضات، وخلال تلك الفترة نفق العديد من الأسود بسبب الالتهابات الرئوية، والدماغيّة.[97] أما فيروس نقص مناعة السنوريات، الشبيه بفيروس نفص مناعة البشر، فعلى الرغم من أنه لا يؤثر على الأسود بشكل ظاهري، فإنه يعتبر مدعاة للقلق بحسب ما يرى المحافظون على هذه الحيوانات، بسبب أن تأثيره مدمّر للقطط المستأنسة، ويدعوا هؤلاء إلى إجراء فحوصات متواصلة للأسود الأسيرة لمعرفة تأثيره عليها بشكل أدق. يظهر هذا الفيروس بشكل كبير عند الكثير من الجمهرات البريّة، حتى أنه متوطن في البعض منها، إلا أنه غائب تقريبا من الأسود الآسيوية وتلك القاطنة ناميبيا.[19]
[عدل] التواصل
يُعد فرك الرأس واللعق أكثر السلوكيات الإجتماعية الشائعة بداخل زمرة الأسود.تتواصل الأسود مع بعضها أثناء فترة الراحة عن طريق عدد من السلوكيات، حيث تُعدّ حركاتها التعبيريّة متطوّرة جدا. يُعد احتكاك الرأس واللعق الجماعي أبرز التحيّات السلميّة الملموسة،[98] ويمكن مقارنتها بالمسائسة عند الرئيسيات.[99] يظهر أن فرك الرأس بالرأس، أو الخطم على الجبهة، بالإضافة للعنق والوجه على أسد أخر—هو أحد أشكال التحيّة،[100] بما أنه يظهر غالبا بعد أن يعود أحد الأفراد للإختلاط بباقي الزمرة بعد أن غاب طويلا، أو بعد قتال أو مواجهة. تميل الذكور إلى الإحتكاك بالذكور الأخرى، بينما تحتك الإناث والأشبال بالإناث الأخرى.[101] يحصل اللعق الجماعي غالبا بالترادف مع فرك الرأس؛ وهو غالبا ما يكون متبادلا ويبدو أن الفرد الذي يُلعق يُظهر متعةً خلال هذه العملية. تلعق الأسود رؤوس بعضها وأعناقها أكثر الأحيان، ويظهر أنها تقوم بذلك لأجل المنفعة الخاصة، إذ أن الأسد لا يستطيع لعق هذه المناطق بمفرده، فيفعل ذلك لغيره من أعضاء الزمرة التي تردّ له الخدمة.[102]
تمتلك الأسود معرضا واسعا من التعابير الوجهيّة والأوضاع الجسديّة التي تستخدمها للتواصل البصري.[103] كما أن قائمة تعابيرها الصوتيّة كبيرة أيضا؛ فالإختلاف في حدّتها ودرجتها، عوضا عن إصدار إشارات مختلفة منها، يبدو أساسيّا للتواصل. تشمل قائمة أصوات الأسد: الزمجرة، الخرخرة، الفحيح، السعال، المواء، النفخ، والزئير. تميل الأسود لأن تزأر بطريقة مميزة للغاية، حيث تبدأ ببعض الزئير العميق الطويل الذي يليه سلسلة أقصر منه. تزأر الأسود في الليل غالبا؛ حيث ينتقل الصوت عندها على مسافة 8 كيلومترات (5.0 أميال)، ويُستخدم للإعلان عن وجود الحيوان في الموقع الذي يقبع فيه أي ضمن نطاق حوزه، وبتعبير أخر فهو يعتبر كإنذار للأسود والضواري الأخرى.[104] يعتبر زئير الأسد الأعلى درجة بين جميع أنواع السنوريات الكبرى الأخرى.
[/b][/size]
يختلف أمد حياة الأسود باختلاف جنسها، فاللبوات التي تعيش في مناطق محميّة آمنة مثل منتزه كروغر الوطني قد تصل لما بين 12 و14 عاما، بحال تخطّت مخاطر ومشقات حياة الأشبال، بينما لا تتخطى الذكور 8 سنوات من حياتها إلا فيما ندر.[2] إلا أن هناك وثائق تظهر أن بعض اللبوات عاشت حتى سن 20 عام في البرية. تسكن الأسود السفانا والأراضي العشبيّة عادة، إلا أنها قد تتواجد في أراضي الأشجار القمئية والغابات في بعض الأحيان. تعتبر الأسود حيوانات اجتماعية بشكل كبير مقارنة بباقي أعضاء فصيلة السنوريات، وتُسمّى المجموعة العائلية للأسود "زمرة" باللغة العربية، وهي تتألف من إناث مرتبطة ببعضها عن طريق القرابة (أخوات، أمهات، خالات، جدّات...)، عدد من الصغار، وبضعة ذكور بالغة. تصطاد مجموعة الإناث مع بعضها في الغالب، حيث تفترس إجمالا الحافريات الكبرى، إلا أنها قد تلجأ للتقميم إن سنحت لها الفرصة. يُعدّ الأسد مفترسا فوقيّا أو رئيسيّا (لا يفترسه أي كائن حي آخر)، ونوعا أساسيّا أو عماديّا (من أنواع الحيوانات التي يرتكز وجود باقي الأنواع بتوازن على وجودها معها في نظام بيئي معيّن). على الرغم من أن الأسود لا تعتبر الإنسان طريدة طبيعية لها وغالبا ما تتجنبه، إلا أنه يُعرف عن البعض منها أنه أصبح آكلا للبشر في حالات محددة.
تصنّف الأسود على أنها من الأنواع المهددة بالانقراض بدرجة دنيا، حيث ارتفعت حدّة تراجع أعدادها من 30 إلى 50% في إفريقيا خلال العقدين الماضيين؛ [3] ويعتبر أمل الجمهرات الباقية خارج المحميات والمنتزهات القومية ضعيف للغاية. وعلى الرغم من أن سبب التراجع هذا ليس مفهوما كثيرا، إلا أن فقدان المسكن والنزاع مع البشر يعتبران أكثر الأسباب إثارة للقلق. كان يُحتفظ بالأسود في معارض الوحوش منذ أيام الإمبراطورية الرومانية، كما كانت ابتداءً من أواخر القرن الثامن عشر، ولا تزال، من الأنواع الرئيسيّة التي يسعى الناس إلى عرضها في حدائق الحيوان عبر العالم. تتعاون الكثير من حدائق الحيوانات حول العالم حاليّا لإكثار الأسود الآسيوية المهددة بالإنقراض عبر إخضاعها لبرنامج تزاوج مكثّف.
يمكن تمييز ذكر الأسد عن الأنثى بسهولة فائقة عن طريق النظر، فالأول يمتلك لبدة (شعر حول العنق) بينما لا لبدة للبؤة. يُعتبر رأس الأسد الذكر أحد أكثر الرموز الحيوانية انتشارا في الحضارة الإنسانية، حيث ظهر في العديد من المؤلفات الأدبية، المنحوتات، الرسومات، الأعلام، وفي الأدب والأفلام المعاصرة. وفي بعض الأحيان تستخدم صورة الذكر حتى ولو كان المراد بالأصل إظهار الأنثى، لأن لبدة الذكر المميزة تفرّق بين هذا النوع من السنوريات وغيره من الكبيرة منها.
إلا أنه تمّ إظهار اللبوة أيضا ووصفها في أوائل الكتابات والرسومات البشرية، حيث اعتبرت أنها بسالة الصيد بحد ذاتها، وصوّرت في أحيان على أنها أم محاربة جمعت بين صفات الحنان على أشبالها والمقدرة على الإطاحة بعدو يفوقها حجما. تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، حيث تتعاون مع بعضها بأسلوب دقيق ومعقّد للإمساك بفريستها. تطوّر كل لبوة مهارات صيد محددة لتعلب بها دورها المعين بتقنية الصيد التي تلجأ إليها زمرتها، وعادة ما تلعب الدور نفسه خلال معظم عمليات الصيد. برز وصف اللبوات وهي تصطاد في مجموعة واحدة منذ آلاف السنين، حيث يرجع أقدم هذه الأوصاف إلى رسومات ومنحوتات عُثر عليها في كهفيّ لاسو وشوفيه في فرنسا، والتي يعود تاريخها لأواخر العصر الحجري.
وقد لاحظ البشر اللاحقين هذه العادات والصفات في اللبؤات، فصوّرت حضاراتهم التي وجدت في نفس المناطق التي قطنتها الأسود أكثر آلهتهم الحربيّة شراسة، بالإضافة لمحاربيهم، على صورة اللبوة، حيث كانوا يلقبون حكّامهم الذكور "بابن اللبوة". ومن الأمثلة المستمدة من أقدم التسجيلات المكتوبة الآلهة المصرية سخمت، باخت، تفنوت، ومسخنت، وقد عبد النوبيين القدماء اباداماك الرجل برأس أو وجه الاسد. ويُحتمل بأنه كان هناك آلهة مماثلة لها جميعها في ليبيا. وتُعد بعض الآلهة المصرية الأخرى معقدة للغاية، حيث تتخذ مظاهر متنوعة، كامرأة برأس لبؤة أو لبوة تتخذ أوضاع معينة.
توصف العديد من السنوريات الكبيرة التي تظهر في المنحوتات والرسومات القديمة على أنها نمور، إلا أنه عند التدقيق في تلك الصور يظهر أنها لبوات بحال كانت تمتلك خصلة من الشعر على ذيلها. فهذه الخصلة مميزة للأسود من بين السنوريات الكبرى جميعها، وعندما يمتلك السنور في الصورة هذه الخصلة ولا يمتلك لبدة فإن هذا يدل على أنها لبوة بالتأكيد على الرغم مما يقول به المحللين المعاصرين. كما أن وجود رقط على جسد تلك السنوريات في الرسوم لا يؤكد أنها نمور، إذ أن الأشبال تمتلك رقطا ورديّة الشكل أيضا، لذلك فإنه عند محاولة تحديد نوع السنور الممثل في الصور أو المنحوتات يجب دوما التأكد من الذيل فإن كان هناك خصلة شعر على أخره ولم يمتلك الحيوان لبدة نكون بصدد لبوة، وإن لم توجد هذه الخصلة فإنه يكون نمرا.
الأسد أطول السنوريات جمعيها (عند الكتفين)، وثاني أثقل أعضاء الفصيلة بعد الببر. يمتلك الأسد فك وقوائم قويّة، وأنياب يبلغ طول الواحد منها 8 سنتيمترات (3.1 إنش)، مما يمكنه من لإمساك بطرائد ضخمة تفوقه حجما.[36] يتراوح لون الأسود من الأصفر اللامع إلى الضارب للصفار، المحمرّ، أو البني المغري القاتم. يكون القسم السفلي من الجسد أبهت من العلوي إجمالا، كما وتكون خصلة الشعر على الذيل سوداء. تولد الأشبال برقط بنية ورديّة على كامل جسدها، شبيهة برقط النمر، وعلى الرغم من أن هذه الرقط تزول عند وصول الأسد بمرحلة لبلوغ، فإنها تحتفظ بالبعض الباهت منها على قوائمها والقسم السفلي من جسدها، وبشكل خاص عند اللبوات. كان المصريون القدماء يصوّرون آلهتهم ذات شكل اللبوة برقطة ورديّة واحدة على أكتافهم.
الأسد هو نوع السنوريات الوحيد الذي يُظهر اختلافا جنسيّا بارزا للعيان بهذا الوضوح—أي أن الإناث والذكور تختلف بهيئتها عن بعضها البعض بشكل شديد الوضوح. كما أن لكل جنس دور محدد يلعبه بداخل الزمرة، فاللبؤة مثلا، وهي الصيّادة في المجموعة العائلية، تفتقد للبدة الذكر الكثيفة المرهقة التي قد تعيق قدرتها على التموّه عندما تحاول التسلل نحو فريستها، كما قد تسبب لها ارتفاعا في درجة حرارة جسدها عند المطاردة. يتراوح لون لبدة الذكر من الأشقر إلى الأسود، وعادةً ما يدكن لونها كلما تقدم الحيوان في السن.
لبوتين وأشبالهما في منتزه سان دييغو للحياة البرية.يتراوح وزن الأسود البالغة عادةً بين 150 و 250 كيلوغراما (330-550 رطلا) للذكور وبين 120 و 182 كيلوغراما (264–400 رطلا) للإناث. تفيد بعض تقارير العالمين نويل وجاكسون أن هناك أسودا وصل وزن الذكور منها إلى 181 كجم والإناث 126 كجم؛[1] وقد وصل وزن أحد الأسود الذي اصطيد بالقرب من جبل كينيا 272 كجم (600 رطل).[24] يميل حجم الأسود إلى الاختلاف باختلاف البيئة أو المنطقة التي تقطنها، الأمر الذي أدى إلى ظهور فروقات في أوزان الجمهرات المختلفة، فالأسود في أفريقيا الجنوبية مثلا يفوق وزنها وزن نظيرتها في أفريقيا الشرقية بنسبة 5% إجمالا.[37]
يتراوح طول الرأس والجسد بين 170 و 250 سنتيمترا (5 أقدام و 7 إنشات، 8 أقدام وإنشين) لدى الذكور، وبين 140 و 175 سنتيمترا (4 أقدام و 7 إنشات، 5 أقدام و 9 إنشات) لدى الإناث؛ يبلغ ارتفاع كتف الذكر حوالي 123 سنتيمتر (4 أقدام) والأنثى 107 سنتيمترات (3 أقدام و 6 إنشات). يصل طول ذيل الأسد لما بين 90 و 105 سنتيمترات (قدمين و 11 إنش، 3 أقدام و 5 إنشات) بينما يتراوح طول ذيل اللبؤة بين 70 و 100 سنتيمتر (قدمين و 4 إنشات، 3 أقدام و 3 إنشات).[1] كان أطول الأسود التي قيست يوما ذكرا أسود اللبدة، قُتل في جنوبي أنغولا في أكتوبر 1973؛ أما أثقل أسد معروف فكان آكلا للبشر أطلق عليه النار في شرق الترانسفال بجنوب إفريقيا عام 1936، وقد بلغ وزنه 313 كيلوغرام (690 رطلا).[38] تكون الأسود الأسيرة عادةً أكبر من تلك البريّة—وأثقل أسد أسير معروف كان ذكرا عاش في حديقة حيوانات كولشيستر بإنكلترا عام 1970، حيث بلغ وزنه 375 كجم (826 رطلا).[39]
أحد أبرز المظاهر الخارجية التي يتشارك بها كل من الأسود واللبوات، هي خصلة الشعر التي تقع على آخر الذيل. وفي بعض الأسود تخفي هذه الخصلة زائدة عظميّة قاسية، يبلغ طولها 55 ميلّيمتر تقريبا، مشكلة من الأقسام الأخيرة من عظام الذيل الملحومة ببعضها. يُعد الأسد السنور الوحيد الذي يمتلك خصلة من الشعر على ذيله—ولا يزال الهدف من وراء الخصلة والزائدة العظميّة غير معروفا حتى الآن، وتكون الخصلة معدومة عند الولادة لكنها تبدأ بالظهور عندما يبلغ الشبل 5½ من الأشهر ومن ثم تصبح بارزة بشكل تام عندما يبلغ 7 شهور.[40]
[عدل] اللبدة
صورة حرارية لأسد تُظهر اللبدة العازلة.
أسد إفريقي في حديقة حيوانات سانت بطرسبيرغ في روسيا، لاحظ لبدته الكثيفة والداكنة بفعل الثلج والجو البارد.إن لبدة الأسد، الفريدة بين السنوريات، تميّز هذا النوع عن أي فصيلة أو نوع آخر من الحيوانات. وهي تجعل صاحبها يبدو أكبر حجما، مما يؤمن له عاملا باعثا للخوف في نفس من يواجهه؛ وهذا يساعد الأسد خلال قتاله أو مواجهته لأسود أخرى، أو عند نزاعه مع المنافسة الرئيسية للأسود في إفريقيا وهي الضباع المرقطة.[41] يرتبط وجود اللبدة أو عدمه بالإضافة للونها وحجمها بعدة عوامل هي: صحة العوامل الوراثية، النضوج الجنسي، المناخ، ونسبة إنتاج التستوستيرون؛ والقاعدة هي أنه كلما كانت اللبدة أدكن وأكثف كلما كان الأسد بصحة جيدة. وفي عملية الإنتقاء الجنسي عند الأسود، تُفضّل اللبؤات الذكور ذوي اللبدات الدكنة الكثيفة على أولئك الذين يمتلكون اللبدات الباهتة والخفيفة.[42] أظهرت البحوث في تنزانيا أن طول اللبدة يفيد بمدى فوز الذكور المتحالفة مع بعضها بالقتال ضد الذكور الأخرى، فكلما كانت أطول أفاد هذا بأن الذكر أو الذكور المتحالفة ربحت معظم المعارك التي خاضتها، والعكس صحيح، إذ أن اللبدة تحمي عنق الذكر من الإصابات وكلما كان قد أصيب بشكل كبير على تلك المنطقة كلما تساقط المزيد من شعره، وبالتالي فإن الشعر الخفيف للأسد هو علامة لخسارته عدد من النزاعات. قد يمتلك الذكور داكني الشعر حياة تناسلية أطول، كما قد تزيد نسبة بقاء أشبالهم على قيد الحياة، على الرغم من أنهم يعانون من الحر خلال فترات السنة الأكثر حرارة.[43] وفي الزمر التي يسيطر عليها تحالف من ذكرين أو ثلاثة، يُحتمل أن تتودد اللبوات إلى الذكر أو الذكور ذوي اللبدات الكثيفة بشكل أكبر من الذكور الأخرى.[42]
أسد عديم اللبدة، يمتلك أيضا القليل من الشعر على جسده—من منتزه تسافو الشرقي الوطني، كينيا.
لبؤة ذات كشكش يؤدي في بعض الأحيان إلى الاعتقاد بأنها ذكر يافع، في حديقة حيوانات سان دييغو.كان العلماء يعتقدون سابقا أن تعريف وتمييز السلالات المختلفة للأسد يمكن أن يتم عن طريق شكلها الخارجي بما فيه اللبدة، حيث كانوا يلجأون إلى علم التشكل لتعريف بعض السلالات مثل الأسد البربري وأسد رأس الرجاء الصالح. إلا أن الأبحاث أظهرت أن العوامل البيئية، مثل حرارة الجو، هي ما يؤثر على لون وحجم اللبدة،[43] فالحرارة في حدائق الحيوان الأميركية والأوروبية مثلا تؤدي إلى نمو لبدات أكبر واسمك لذكور الأسود. وبالتالي فإن هذه الطريقة في تعريف السلالات المتنوعة تعدّ غير فعّآلة،[20][44] إلا أن السلالة الآسيوية يمكن تعريفها، على الرغم من ذلك، بواسطة لبدتها الضئيلة الأصغر حجما من لبدات الأسود الإفريقية.[45]
تمّ التبليغ أيضا عن أسود عديمة اللبدة في السنغال ومنتزه تسافو الشرقي الوطني في كينيا، كما أن الأسد الأبيض الرئيسي الأول من منطقة تمبافيتي كان أيضا عديم اللبدة. كما أن هناك أسود مقنزعة أو ذات أعراف بسيطة. يمكن العثور على ذكور بدون لبدة إجمالا في جمهرات الأسود التي تناسلت داخليّا بشكل كبير؛ ويؤدي التناسل الداخلي أيضا إلى هبوط في نسبة الخصوبة لدى هذه الحيوانات.[46]
تمتلك الكثير من اللبؤات كشكش على عنقها يمكن رؤيته بحال جلست في أوضاع معينة. وفي بعض الأحيان يظهر هذا في الرسومات والنحوتات الفنية القديمة بشكل خاص، حيث تُفسّر إجمالا، خطأ، على أنها أسود ذكور. يختلف الكشكش عن اللبدة بأنه أقصر على الفك الأسفل ونادرا ما يمكن رؤيته، بينما تمتد اللبدة لما فوق أذنيّ الذكور، وغالبا ما تعتم على خطها المحيطي الخارجي كليّا.
تظهر الرسومات الكهفيّة لأسد الكهوف الأوروبي المنقرض حيوانات عديمة اللبدة بشكل حصريّ، أو ذات لبدة بسيطة جدا، مما جعل بعض العلماء يفترضون أنها كانت خفيفة أو عديمة اللبدة بشكل أو بأخر،[27] إلا أنه يُحتمل أن تكون الأسود المرسومة إناثا تصطاد لزمرتها—بما أنها تظهر في مجموعة تطارد فريستها—لذا فإن هذه الرسوم لا يمكن الاعتماد عليها للحكم على أسود الكهوف بأنها امتلكت لبدة أو لم تمتلك. إلا أن الرسومات تقترح أن هذه السلالة المنقرضة كانت تلجأ لنفس التنظيم الإجتماعي واستراتيجيات الصيد التي تستعملها الأسود المعاصرة.
[عدل] الأسود البيضاء
أسد أبيض.الأسد الأبيض ليس بسلالة مستقلة، بل مجرّد شكل فريد ذو حالة وراثيّة تعرف بالبياض أو عدم اللون،[19] مما يجعل لون جلده باهتا بشكل كبير، أكثر من الببر الأبيض حتى؛ وتتشابه هذه الحالة مع حالة الداكنيّة، التي تتولّد عنها النمور السوداء. ولا تعتبر الأسود البيضاء مهقاء، إذ أنها تمتلك أصباغا لونيّة عاديّة في أعينها وجلدها، بينما الحيوان الأمهق لا يمتلك هذا مما يؤدي لولادته بعيون وأنف ورديّ. تمّت رؤية أفراد من أسود الترانسفال البيضاء (من سلالة كروغر، Panthera leo krugeri) في وحول منتزه كروغر الوطني ومحمية طرائد تمبافاتي الخاصة المجاورة في بعض الأحيان، إلا أن هذه الأسود تعد مألوفة أكثر في الأسر، حيث يقوم مربيها بتزويجها إنتقائيّا عن عمد. يعود السبب وراء امتلاك هذه الحيوانات معطفا قشدي اللون إلى أنها تمتلك مورثة غالبة تدحر المورثة التي تحمل اللون المصفر وتبرز بدلا منها.[47] يُزعم أن الأسود البيضاء تُربى في بعض المخيمات بجنوب إفريقيا كي تستخدم في عمليات الصيد المعلب (الصيد بداخل منطقة مسيجة لا يستطيع الحيوان الهرب منها) حيث يدفع بعض الصيادين مبالغ طائلة مقابل احتفاظهم بتذكار صيد فريد كرأس أو جلد أسد أبيض.[48]
لم يكن وجود الأسود البيضاء مؤكدا حتى أواخر القرن العشرين. فلمئات السنين السابقة، كان يُعتقد أن قصة وجودها وكل ما وصل عنها من أخبار ومعلومات ليس سوى أساطير ملفّقة تدور في جنوب إفريقيا، حيث كان يُقال أن الأهاب الأبيض للحيوان يمثل الطيبة في جميع المخلوقات. وردت أولى التقارير التي تفيد برؤية هذه الحيوانات في أوائل القرن العشرين، واستمرت بالورود بشكل متقطّع نادر لحوالي خمسين سنة، إلى أن عُثر على بطن من الأشبال البيضاء في محمية طرائد تمبافاتي الخاصة عام 1975.[49]
[عدل] السلوك والخواص الأحيائية
تمضي الأسود معظم وقتها وهي تستريح حيث تقضي حوالي 20 ساعة من النهار وهي خاملة.[50] وعلى الرغم من أن هذه الحيوانات قد تنشط في أي وقت من اليوم، إلا أن ذروة نشاطها تكون بعد الغسق، حيث تخصص فترة لتختلط مع بعضها، تسوس نفسها، وتتغوّط. كما وتنشط لفترات متقطعة خلال الليل حتى بزوغ الفجر، أي في الفترة التي غالبا ما تتجه فيها للصيد. تمضي الأسود قرابة ساعتين في النهار وهي تمشي، وحوالي 50 دقيقة وهي تقتات.[51]
[عدل] التنظيم الإجتماعي
الأسود لواحم مفترسة تُظهر شكلين من التنظيم الاجتماعي. فالبعض منها مقيم، يعيش في مجموعة عائلية تُسمى زمرة،[52] وتتألف الزمرة عادة من قرابة خمس أو ست لبوات مرتبطة ببعضها عن طريق القرابة، بالإضافة لأشبالها من كلا الجنسين، وذكر واحد أو ذكرين يطلق عليهما تعبير التحالف الذكوري والذين يتزاوجان مع جميع الإناث البالغة (على الرغم من أن هناك بعض الزمر الكبيرة جدا التي يصل عدد أفرادها إلى 30). يصل عدد الذكور في التحالف إلى اثنين في أكثر الأحيان، إلا أنه قد يزداد حتى 4 ويقل مجددا مع مرور الوقت. تُطرد الأشبال الذكور من زمرتها الأموميّة عندما تصل لمرحلة البلوغ.
زمرة أسود، تتألف من ذكر بالغ وبضعة إناث بالإضافة لأشبال مراهقة، تبدأ بالتحرك في ماساي مارا، كينيا.يُسمّى سلوك الأسود الآخر الارتحال، حيث لا يستقر البعض منها في منطقة معينة بل يستمر بالتنقل لمسافات شاسعة، إما بمفرده أو بأزواج، بين الفترة والأخرى.[52] تتبع الذكور العازبة ذات القربى هذا السلوك إجمالا، والتي تكون قد طردت من زمرتها الأمومية؛ ويلاحظ أن الأسود قد تغيّر من نمط حياتها فتتحول من مرتحلة إلى مقيمة والعكس صحيح. تمر جميع الذكور بهذه المرحلة، والبعض منها قد لا يتخطاها بحال لم ينجح بالسيطرة على زمرة جديدة، أما الإناث فإن تحوّلها لنمط الارتحال أصعب عليها من الذكور، فبحال طُردت أنثى من زمرتها فلن تستطيع الانضمام لزمرة أخرى بسهولة، إذ أن جميع الزمر تتكون من إناث ذوات قربى ترفض معظم محاولات أي أنثى أخرى من زمرة مختلفة بالانضمام إليها.
تُسمى المنطقة التي تقطنها زمرة الأسود الحوز أو حوز الزمرة، بينما تُسمى منطقة الأسد المرتحل الموطن أو الإقليم.[52] تبقى الذكور البالغة التي سيطرت على مجموعة من الإناث على حدود الحوز معظم أوقاتها لتدافع عنه ضد الذكور الأخرى، حيث تقوم بجولات واسعة يوميّة عبره وترش بولها على الأشجار والشجيرات لتترك رائحتها كإنذار لأي ذكر دخيل بوجودها في المنطقة. لا يزال سبب تطوّر السلوك الاجتماعي للبؤات—وتفردها به بين جميع أنواع السنوريات الأخرى—موضوع جدل كبير بين العلماء، ويظهر بأن ازدياد نسبة نجاحها في الصيد هي العامل الأبرز والأوضح الذي جعلها تلجأ لأسلوب العيش الجماعي، إلا أن هذا الأمر يصبح أقل من مؤكد عند دراستها عن قرب: فالصيد المنسّق يزيد من نسبة نجاحها في الافتراس، ولكنه يضمن أيضا أن الأفراد التي لم تخرج للصيد لن تستهلك نفس نسبة السعرات الحرارية للفرد كما ستفعل باقي الأسود، مما يعني أن الزمرة لن تضطر للإصطياد مرة أخرى حتى بضعة أيام، ولكن البعض من تلك الأفراد قد يُترك لحراسة الأشبال التي لولا ذلك تبقى بمفردها لفترة طويلة مما يعرضها لخطر الضواري الأخرى، أو يلعب دورا في تربيتها. تُعد صحة وسلامة اللبوات الصيّادة أهم الأسس لبقاء الزمرة، لذا فإن تلك اللبؤات تكون أول من يتقدم للأكل (بحال لم تتواجد الذكور). وتشمل المنافع الأخرى التي يفترضها العلماء: إنتقاء القربى (أي أن الأسد قد يُفضل أن يُشارك غذائه مع أسد قريب له بدلا من أسد غريب)، حماية الصغار، الحفاظ على الحوز، وتأمين كل فرد على نفسه ضد الجوع أو الإصابة، أي أن كل فرد من الزمرة يستطيع أن يتأكد من أنه سيحظى بالطعام دوما، وبالعناية بحال أصيب لأن باقي الزمرة تحتاج إليه في كل ما سبق.[24]
لبوة تندفع بسرعة خلال عملية صيد في السيرينغتي.تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، كونها أصغر حجما، أسرع، وأكثر رشاقة من الذكور، ولا تعيقها اللبدة الكبيرة الكثيفة الواضحة للعيان، والتي تسبب ارتفاعا في درجة حرارة الجسد أثناء المطاردة. تتصرف الأسود كوحدة صيد منظمة كي تستطيع التسلل نحو طريدتها والإمساك بها بنجاح، وبحال كانت الذكور بالجوار فإنها تسيطر على الفريسة فورا ما إن تمسك بها اللبوات وتستفرد بها، ويُحتمل بأن تُشارك الذكور الأشبال في طعامها أكثر من الإناث، إلا أنها لا تشارك أي منهما بحال كانت قد أمسكت بتلك الفريسة بمفردها. تقتات الأسود على الطرائد الأصغر حجما في موقع قتلها، وبالتالي فإن الصيادات هي من يتشاركها فقط؛ أما إذا كانت الطريدة كبيرة فإنها تقوم بجرّها إلى حوز الزمرة. تتشارك الأسود مع بعضها بشكل أكبر عند إمساكها بفريسة كبيرة،[53] على الرغم من أن أفراد الزمرة عندئذ يتصرفون بعدائية تجاه بعضهم البعض لأن كل منهم يحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من الطعام.
تدافع كل من الذكور والإناث عن الزمرة ضد أي أسود دخيلة أخرى. تقود بعض الأسود نفسها الهجوم ضد الدخلاء باستمرار، بينما يتلكأ البعض في الخلف دوما.[54] تميل الأسود لأن تمتلك أدوارا محددة في الزمرة، فتلك المتلكأة قد تؤمن خدمات مفيدة أخرى للمجموعة مثل حماية الأشبال أو صدّ الهجوم من الوراء.[55] ومن الإفتراضات المقابلة أن هناك ما يعود بالنفع على الأسد الذي يقود الهجوم على الدخلاء، وما يبرز ذلك هو رتبة اللبوات بداخل الزمرة، فاللبوة القائدة هي الأعلى مرتبةً.[56] وكذلك الأمر بالنسبة للذكور المسيطرة على الزمرة، إذ عليهم الدفاع عنها ضد الذكور الغريبة كي يتسنّى لهم بالمقابل التزاوج مع الإناث والحفاظ على نسلهم. لا تتحمل الإناث المنتمية لوحدة اجتماعية مستقرة بداخل زمرة أي أنثى غريبة عنها؛[57] فلا يتغير عدد المنتسبين للمجموعة من اللبؤات إلا بولادة أو موت لبوات جديدات،[58] على الرغم من أن بعض الإناث قد تغادر عائلتها وتصبح مرتحلة.[59] أما الذكور المراهقة من الناحية الأخرى، فتغادر الزمرة عندما تنضج جنسيّا، أي بين سن 2 و 3 سنوات.[59]
[عدل] الحمية والصيد
على الرغم من أن اللبؤة تمتلك أسنانا حادة جدا، إلا أن الطريدة تُقتل عادة بواسطة الخنق.الأسود حيوانات قويّة تصطاد عادةً في مجموعة منظمة وتختار فريسة واحدة محددة. إلا أنه لا يُعرف عنها قدرتها على التحمّل - فوزن قلب اللبؤة مثلا، يشكل ما نسبته 0.57% فقط من إجمالي وزن جسدها (والذكر حوالي 0.45%)، بينما يقارب وزن قلب الضبع 1% من إجمالي وزن الجسد،[58] وبالتالي فإنه وإن كانت اللبوات قادرة على الوصول إلى سرعة 59 كيلومتر في الساعة[60] (40 ميل في الساعة) فإنها لا تستطيع الحفاظ على هذه السرعة إلا لفترة قصيرة،[61] لذا يجب أن تكون قريبة من طريدتها بما فيه الكفاية قبل أن تهاجم. تستغل الأسود أي عامل من شأنه أن يقلل من احتمال رؤيتها من قبل الطريدة؛ حيث تتم معظم عمليات الصيد بالقرب من مصدر جيّد للتخفي كالأعشاب العالية أو التلال، أو أثناء الليل.[62] تتسلل الأسود نحو ضحيتها حتى تصبح على مقربة 30 متر تقريبا (98 قدم)، وتقوم اللبؤات عادةً بإحاطة القطيع من عدة نواح، وما أن تقترب بما فيه الكفاية حتى تنتقي أقرب أفراد القطيع إليها. يكون الهجوم سريعا وقصيرا؛ حيث تميل إلى إمساك ضحيتها عبر اندفاع سريع نحوها ومن ثم القفز عليها من الخلف. تُقتل الطريدة بواسطة الخنق،[63] مما يسبب لها إقفارا دماغيا أو أزمة قلبية بسبب انقطاع الأكسجين عنها. يمكن أن يقتل الأسد طريدته أيضا عن طريق إطباق فكيه على فمها[1] (مما يسبب لها إختناقا أيضا)، أما الطرائد الصغيرة فقد تُقتل بواسطة ضربة وحيدة من كف الأسد.[1]
تتألف طرائد الأسود من الثدييات الكبيرة إجمالا، وهي تظهر تفضيلا للنو، حمر الزرد، الإمبالا، الجواميس الإفريقية، والخنازير الثؤلولية في إفريقيا، وللنلجاي، الخنازير البرية، والعديد من أنواع الأيائل في الهند، كما كانت تصطاد أنواعا أخرى من الطرائد في موطنها السابق الممتد عبر أوراسيا مثل الأحصنة البرية، البيزون الأوروبي، الأرخص، الأيل الأحمر، وحتى الموظ. تصطاد الأسود حاليّا أنواعا عديدة أخرى من الحيوانات، بناءً على مدى توفرها، وهذا يشمل بشكل رئيسي، الحافريات التي يتراوح وزنها بين 50 و 300 كجم (110–660 رطلا) من شاكلة المرامري (الكود)، الثيتل، مها إفريقيا الجنوبية (الجمزبوكة)، والعلند (البُقة).[1] وفي بعض الأحيان قد تمسك بأنواع أصغر حجما مثل غزال طومسون والظبي القفّاز (القوفز)، وهناك البعض من الأسود الذي يقتات بشكل حصري تقريبا على نوع محدد من الفرائس، مثل الأسود القاطنة بالقرب من ساحل صحراء ناميب والتي تفترس فقمات الفراء بشكل مكثّف.[64] تستطيع الأسود التي تصطاد في جماعات أن تمسك بمعظم أنواع الحيوانات التي تقابلها، بما فيها الصحيّة حتى، ولكنها نادرا ما تهاجم الطرائد الضخمة جدا مثل ذكور الجواميس، أو ذكور الزرافات البالغة بسبب احتمال إصابتها بجراح بالغة في هكذا معركة مما قد يقتلها أو يقعدها.
مجموعة لبؤات تتعاون معا على إسقاط جاموس إفريقي في دلتا أوكافانغو ببوتسوانا.
أسود من منطقة نهر سافوتي ببواتسوانا وقد انتهت من الاقتيات على جيفة فيل قامت بقتله. يُعرف عن أسود هذه المنطقة صيدها للأفيال بما فيها البالغة أحيانا.
اللبؤات الصيادة في الزمرة يتشاركن بالتهام حمار زرد في الموقع نفسه الذي قتلت فيه الطريدة.أظهرت إحصائيات مكثفة جمّعت عن طريق عدد من الدراسات أن الأسود عادةً تقتات على الثدييات التي يتراوح وزنها بين 190 و 550 كيلوغراما (420–1210 أرطال). يتصدر النو قائمة طرائد الأسد المفضلة (حيث يُشكل نصف ما تفترسه الأسود تقريبا في السيرنغتي بشرق أفريقيا) يليه حمار الزرد،[65] وتُستبعد عادة معظم أفراس النهر البالغة، وحيدة القرن، الفيلة، والغزلان الصغيرة الحجم، الإمبالا، وغيرها من الظباء الرشيقة. إلا أن الزرافات والجواميس تعتبر من ضمن الطرائد المألوفة في بعض المناطق، كما في منتزه كروغر الوطني حيث تصطاد الأسود الزرائف بشكل منتظم،[66] ومنتزه مانيارا الذي تشكّل الجواميس الإفريقية فيه حوالي 62% من حمية الأسود،[67] بسبب غزارة أعدادها. قد تفترس الزمرة في بعض الأحيان النادرة أفراس النهر البالغة أيضا، أما وحيدات القرن البالغة فعادةً ما يتم تجنبها. ومن الطرائد التي تقتات عليها الأسود بحال توافرها الخنازير الثؤلولية، على الرغم من أن وزنها يقل عن 190 كجم (420 رطلا)،[68] وفي بعض المناطق تختص هذه السنوريات بصيد نوع محدد من الفرائس؛ كما هي الحال في نهر سافوتي ببوتسوانا، حيث تقتات على الفيلة بشكل مكثّف.[69] وقد أفاد المرشدون في المنطقة أن الأسود دفعها الجوع الشديد إلى مهاجمة الدغافل في بداية الأمر، ثم انتقلت إلى الفيلة المراهقة، وفي بعض الأحيان أمسكت بفيلة بالغة تحت جنح الظلام، أي في الفترة التي يكون فيها نظر الفيلة ضعيفا.[70] تفترس الأسود الماشية المستأنسة كذلك الأمر، ففي الهند تشكّل الأبقار والجواميس المستأنسة جزءًا مهمّا من حميتها،[45] وتعتبر قادرة على قتل ضوار أخرى من شاكلة النمور، الفهود، الضباع، والكلاب البرية، إلا أنها (على العكس من معظم السنوريات الأخرى) نادرا ما تفترس منافسها بعد قتله. تقمم الأسود أيضا جيف الحيوانات التي ماتت لأسباب طبيعية أو قتلها مفترس أخر، وهي تبقى متنبهة للنسور الحائمة في الجو، إذ أنها تفيد بوجود ميتة ما أو حيوان ينازع.[71] تتخم الأسود أنفسها عند الإقتيات حيث قد يأكل الواحد منها 30 كيلوغرام (66 رطل) من اللحم في جلسة واحدة؛[72] وإن كان غير قادر على التهام الطريدة بأكملها فسوف يستريح لبضعة ساعات قبل أن يعاود الأكل، وفي الأيام الحارّة قد تلجأ الزمرة إلى الظلال لتهضم طعامها، وتترك ذكر واحد أو إثنين للحراسة.[73] تحتاج اللبؤة البالغة إلى 5 كيلوغرامات (11 رطلا) من اللحم يوميّا، بينما يحتاج الذكر إلى 7 كيلوغرامات (15.4 أرطال).[74]
يزيد الصيد الجماعي للبوات من نسبة احتمال إمساكها بطريدة، خصوصا وأنها تصطاد في المساحات المفتوحة مما يمكن الطرائد من رؤيتها من على بعد شاسع؛ ويزيد أسلوب الصيد هذا أيضا من نسبة احتمال إمساكها بإحدى الطرائد الضخمة. ويُمكن العمل الجماعي أيضا الأسود من الدفاع عن طريدتها بشكل أفضل ضد الضواري الكبيرة الأخرى مثل الضباع التي تستدل بسهولة على موقع الإقتيات عن طريق رؤية النسور الحائمة فوقه في السفانا المفتوحة. تقوم اللبؤات بمعظم الصيد للزمرة، وفي صيد نمطيّ، تحتل كل لبوة موقع مفضّل لها بداخل المجموعة، فإمّا تتسلل نحو الطريدة على "جناح" المجموعة ومن ثمّ تهاجمها، أو تتقدم لمسافة قصيرة في وسط المجموعة ومن ثم تهاجم الفريسة الهاربة من اللبؤات الأخرى.[75]
سبعة أسود بالقرب من الطريق في محمية ماساي مارا، كينيا.لا تشارك ذكور الأسود المسيطرة على زمرة في الصيد عادةً، إلا عندما تكون الطريدة ضخمة جدا مثل الزرافة أو الجاموس. أما الذكور العازبة التي لم تسيطر على زمرة خاصة بها بعد فتكون مضطرّة للصيد بنفسها، وقد تمّ رؤية وتوثيق أسود ذكور وهي تصطاد في مجموعة. تُظهر الأشبال سلوك التسلل لأول مرة عندما تبلغ من العمر 3 أشهر، ولكنها لا تشارك في الصيد الفعلي إلا عندما تبلغ حوالي السنة من العمر، وتبدأ بالصيد بفعالية عندما تقارب عامها الثاني.[76]
[عدل] التناسل ودورة الحياة
تكون معظم اللبؤات قد تناسلت وأنجبت قبل أن تبلغ أربع سنين من العمر،[77] والأسود ليس لها موسم محدد للتزاوج، فقد يتم هذا في أي وقت من السنة، وتُعد الإناث متعددة النزوة.[78] يمتلك الأسد الذكر، كما باقي السنوريات، أشواك خلفيّة الإتجاه على قضيبه، وتحتك هذه الأشواك بجدران رحم الأنثى عندما يقوم الذكر بإخراجه مما قد يحث على الإباضة.[79] قد تتزاوج الأنثى مع أكثر من ذكر عندما تكون في دورتها النزوية؛[80] وخلال فترة التزاوج، التي قد تمتد لبضعة أيام، يتجامع الزوجان لما بين 20 إلى 50 مرة في اليوم وقد يهملا الإقتيات حتى طيلة هذه الفترة. تتناسل الأسود بشكل جيّد في الأسر.
يتجامع الزوج من الأسود ما بين 20 إلى 40 مرة في اليوم على مدى عدّة أيام أثناء فترة التزاوج.يبلغ متوسط فترة الحمل حوالي 110 أيام،[78] تضع بعدها الأنثى بطنا يتألف من شبل واحد إلى 4 في مخبأ معزول (قد يكون أجاما كثيفة، غابة قصب، كهف، أو غيره من المواقع الأمنة) بعيدا عن باقي الزمرة في العادة. تصطاد الأم خلال هذه الفترة التي تكون الصغار فيها ضعيفة بمفردها، لكنها تبقى قريبة من الأجام أو الجحر الذي خبأتهم فيه.[81] تولد الأشبال عمياء—ولا تتفتح أعينها حتى بعد أسبوع من الولادة، ويتراوح وزنها بين 1.2 و 2.1 كيلوغرام (2.6–4.6 أرطال)، ولا يكون لها أي حول أو قوّة، حيث تبدأ بالزحف بعد يوم أو يومين من الولادة، ولا تمشي قبل أن تبلغ ثلاثة أسابيع.[82] تنقل اللبوة أشبالها إلى جحر جديد عدّة مرات في الشهر، حيث تحملها واحدا واحدا من مؤخرة عنقها، كي تمنع إفاحة رائحتها في موقع واحد مما قد يؤدي إلى جذب انتباه الضواري التي قد تقتلها أو تؤذيها.[81]
لا تعود الأم للإختلاط وأشبالها مع باقي الزمرة إلا حين تبلغ الأشبال ما بين 6 إلى 8 أسابيع،[83] إلا أنه في بعض الأحيان يتم تعريف الزمرة بالصغار في وقت أبكر، وخصوصا أن كانت إناثا أخرى قد أنجبت في ذات الوقت تقريبا. فاللبؤات المنتمية لذات الزمرة تزامن دورتها التناسليّة مع بعضها غالبا كي تتعاون على تربية وإرضاع الصغار (ما إن تتخطى الأشبال مرحلة العزلة الأوليّة مع والدتها)، التي ترضع بدورها من أي أنثى أو من جميع الإناث المرضعة بداخل الزمرة دون أي تمييز أو تفضيل. وبالإضافة إلى أن تزامن الولادات يؤدي إلى حمايتها بشكل أفضل، فإنها بهذا تكون جميعها بنفس الحجم وبالتالي تكون فرص بقائها متساوية. وبحال أنجبت لبوة بطنا من الأشبال بعد بضعة شهور من لبوة أخرى، فإن الأشبال الكبيرة تهيمن على تلك الصغيرة، كونها أكبر حجما منها، أثناء فترة الإقتيات—وكنتيجة لهذا، فإن الموت جوعا يعدّ سببا مألوفا بين الأشبال الصغيرة أكثر من أشقاؤها الأكبر سنا.
لبوة حامل (على يمين الصورة).تتعرض الأشبال لعدد من المخاطر أثناء فترة حياتها الأولى، فبالإضافة للموت جوعا، هناك خطر الافتراس من ضوار أخرى من شاكلة بنات آوى، الضباع، النمور، العقبان المحاربة، الأفاعي، وحتى الجواميس بحال التقطت رائحة الأشبال، حيث تتجه عند ذلك إلى الموقع الذي تفوح منه الرائحة والذي تختبئ فيه الصغار وتفعل ما بوسعها كي تسحقها وتقضي عليها، فيما يقوم بعض أفراد القطيع بمطاردة اللبؤة وإبعادها عن المكان. وبالإضافة لذلك، عندما يقوم ذكر أو إثنين بخلع الذكر المسيطر أو تحالف الذكور، والسيطرة على الزمرة بدلا منه، فإنهما يسعيان إلى قتل جميع الأشبال غير البالغة،[84] ولعلّ السبب وراء ذلك هو أن الإناث لا تصبح خصبة ومتقبلة مجددا إلا حينما تنضج أشبالها أو تنفق. وبالإجمال، يموت حوالي 80% من صغار الأسود قبل أن يبلغ السنتين من العمر.[85]
تفتقد الأشبال للجرأة عندما يتم تعريفها بباقي أعضاء الزمرة لأول مرة، ولا تتصرف معها بنفس الأسلوب الذي تتصرفه مع والدتها، إلا أنها سرعان ما تبدأ بالإنغماس في حياة الزمرة، فتبدأ باللعب مع بعضها البعض، أو تحاول ذلك مع أحد الأفراد البالغين. تكون اللبؤة ذات الأشبال أكثر تحمّلا لأشبال لبؤة أخرى من تلك التي لا صغار لديها، أماّ تحمّل الذكور للأشبال فيختلف—ففي بعض الأحيان، يكون الذكر صبورا ويسمح للأشبال باللعب بذيله أو لبدته، وفي أحيان أخرى يزمجر عليها أو يضربها كي تبتعد عنه.[86]
يختلف تحمّل ذكور الأسود للأشبال بين الأفراد وبحسب مزاجها. إلا أنها، بالرغم من ذلك، أكثر احتمالا أن تشارك الطريدة معها عوضا عن مشاركتها مع اللبوات.تُفطم الأشبال بعد حوالي 6 أو 7 شهور. تصل الذكور لمرحلة النضج الجنسي عندما تبلغ ثلاث سنوات من العمر، وفي عامها الرابع أو الخامس تصبح قادرة على تحدي ذكر مسيطر والإطاحة به ومن ثم الحلول مكانه في زعامة الزمرة. تبدأ الأسود بالهرم والضعف عندما تبلغ ما بين 10 و 15 سنة على الأكثر،[87] هذا إذا لم تُصاب أي إصابة بالغة سابقة عندما كانت تحاول الدفاع عن زمرتها (ما إن تُطرد الذكور من زمرتها بفعل تغلّب ذكر أخر عليها فإنها من النادر أن تستطيع السيطرة على زمرة أخرى مجددا). إن قصر أمد سيطرة الذكور على مجموعة خاصة بها يترك بالتالي مجالا ضيقا لذريتها كي تصل لمرحلة النضوج قبل أن يُطاح بأبائها، لذلك فإن كانت قادرة على التناسل بعد سيطرتها على الزمرة مباشرةً فإن هذا يعني أن المزيد من أشبالها سيصل سن البلوغ قبل أن يسيطر ذكر جديد على المجموعة والذي قد يقوم بقتلها جميعا إذا كانت ما تزال غير ناضجة. تحاول اللبوة غالبا الدفاع عن أشبالها بشراسة ضد الذكر المغتصب، لكن هذه المحاولات نادرا ما تنجح، حيث يقتل الذكر جميع الأشبال البالغة أقل من سنتين. إن اللبؤة أصغر حجما وأخف وزنا من الأسد، لذا فإن التعاون بين ثلاث أو أربع إناث من الزمرة قد ينجح في ردّ الذكر عن الصغار أكثر من قيام لبوة وحيدة بهذا الأمر.[84]
ليست الذكور وحدها من يُطرد من الزمرة لتعيش حياة الإرتحال عند بلوغها، على العكس مما يظنه العامّة، فعلى الرغم من أن معظم الإناث تبقى في الزمرة التي ولدت فيها، فإنه حينما تكبر الزمرة كثيرا يُطرد الجيل الثاني من اللبؤات وتُرغم على تأسيس حوز خاص بها. بالإضافة لذلك، عندما يسيطر ذكر جديد على الزمرة يقوم بطرد جميع الأسود المراهقة بما فيها الذكور والإناث في بعض الأحيان.[88] تعدّ حياة اللبوة المرتحلة شديدة القساوة، فهي نادرا ما تستطيع أن تقوم بتربية أشبالها حتى تصل لسن البلوغ، بدون مساعدة وحماية أفراد أخرى من زمرتها.
تُفيد إحدى الدراسات أن كل من ذكور وإناث الأسود يُظهر سلوكا مثليّا في بعض الأحيان.[89][90] فذكور الأسود تجول لعدّة أيام مع بعضها وتنشأ خلالها رابطة فيما بينها يتولد عنها سلوك مثليّ يتضمن احتكاك برؤوس بعضها وبعض المداعبة التي تؤدي في النهاية لمحاولة الجماع. أظهرت دراسة أخرى أن نسبة الجماع الذي تحاوله الذكور مع بعضها يصل لحوالي 8%. أما اللبؤات فتظهر سلوكا مثليّا في الأسر بشكل مألوف، ولكنه لم يتم تسجيل هذا السلوك لها في البرية حتى الآن. ويفترض البعض أن ما يدفع الذكور لهذا السلوك هو الكبت الجنسي الذي تتعرض له طيلة فترة بعدها عن الإناث، أي أثناء تجوالها على حدود الحوز للدفاع عنه، بالإضافة للفترة الطويلة التي تتطلبها اللبوة كي تصبح متقبلة جنسيا مجددا، أي بعد سنتين عندما تنضج أشبالها.
[عدل] الصحة
تُظهر الأدلّة أن معظم الأسود، على الرغم من عدم وجود مفترسات لها، تموت بشكل عنيف بسبب النزاع مع البشر أو غيرها من الأسود،[91] ويصدق هذا القول على الذكور منها بالتحديد، التي يُحتمل أن تحتك بعنف بشكل أكبر من الإناث مع ذكور منافسة، كونها الحارسة الأساسية للزمرة. وعلى الرغم من أن ذكور الأسود قد تصل لسن 15 أو 16 عاما في البريّة بحال لم يُطح بها أي ذكر أخر، فإن أكثرها لا يعيش أكثر من 10 سنوات، ولهذا السبب فإن متوسط حياة الأسد يكون أقل من ذاك الخاص باللبوة في البريّة بشكل ملحوظ. يمكن للأفراد من كلا الجنسين أن يُصابا بجراح بالغة أو حتى تُقتل عندما تتقاتل زمرتين تتقاطع أحوازها مع بعضها البعض.
تُصاب معظم الأسود بعدد من أنواع القرادات، التي تجتاج الأذنين، العنق، والأربيّة (أصل الفخذ).[92][93] كما وقد تمّ عزل عدّة عينات بالغة من الديدان الشريطية التابعة لجنس Taenia من أمعاء الكثير من الأسود، حيث كانت قد هضمتها وهي لا تزال بعد يرقانات، عندما اقتاتت على لحم الظباء الغني بها.[94] أصيبت الأسود في فوهة نغورنغورو بوباء نقله ذباب الخيل (Stomoxys calcitrans) عام 1962؛ مما أدى إلى ظهور بقع دمويّة عارية على جسدها، كما وأصيبت بهزال شديد جرّاء هذا المرض، وقد حاولت الأسود أن تتفادى لدغات الذباب عبر تسلّق الأشجار أو اللجوء إلى جحور الضباع ولكن دون جدوى؛ فنفق الكثير منها أو هاجر إلى مناطق أخرى مما أدى إلى انخفاض عدد الجمهرة من 70 إلى 15 فردا فقط،[95] وقد عاد هذا الوباء وتفشّى مؤخرا عام 2001 ولكنه لم يقتل سوى ستة أسود.[96] تكون الأسود معرّضة، في الأسر خصوصا، لعدد من الفيروسات مثل سل الكلاب أو حمى الهررة (CDV)، فيروس نقص مناعة السنوريات (FIV)، والتهاب صفاق السنوريات[19] (FIP). ينتقل سل الكلاب إلى الأسود عبر احتكاكها مع الكلاب المستأنسة وغيره من اللواحم؛ وفي عام 1994 تفشّى هذا المرض في منتزه السيرنغتي الوطني مما أدى بظهور أعراض توافق عصبي عند الأسود مثل الإنقباضات، وخلال تلك الفترة نفق العديد من الأسود بسبب الالتهابات الرئوية، والدماغيّة.[97] أما فيروس نقص مناعة السنوريات، الشبيه بفيروس نفص مناعة البشر، فعلى الرغم من أنه لا يؤثر على الأسود بشكل ظاهري، فإنه يعتبر مدعاة للقلق بحسب ما يرى المحافظون على هذه الحيوانات، بسبب أن تأثيره مدمّر للقطط المستأنسة، ويدعوا هؤلاء إلى إجراء فحوصات متواصلة للأسود الأسيرة لمعرفة تأثيره عليها بشكل أدق. يظهر هذا الفيروس بشكل كبير عند الكثير من الجمهرات البريّة، حتى أنه متوطن في البعض منها، إلا أنه غائب تقريبا من الأسود الآسيوية وتلك القاطنة ناميبيا.[19]
[عدل] التواصل
يُعد فرك الرأس واللعق أكثر السلوكيات الإجتماعية الشائعة بداخل زمرة الأسود.تتواصل الأسود مع بعضها أثناء فترة الراحة عن طريق عدد من السلوكيات، حيث تُعدّ حركاتها التعبيريّة متطوّرة جدا. يُعد احتكاك الرأس واللعق الجماعي أبرز التحيّات السلميّة الملموسة،[98] ويمكن مقارنتها بالمسائسة عند الرئيسيات.[99] يظهر أن فرك الرأس بالرأس، أو الخطم على الجبهة، بالإضافة للعنق والوجه على أسد أخر—هو أحد أشكال التحيّة،[100] بما أنه يظهر غالبا بعد أن يعود أحد الأفراد للإختلاط بباقي الزمرة بعد أن غاب طويلا، أو بعد قتال أو مواجهة. تميل الذكور إلى الإحتكاك بالذكور الأخرى، بينما تحتك الإناث والأشبال بالإناث الأخرى.[101] يحصل اللعق الجماعي غالبا بالترادف مع فرك الرأس؛ وهو غالبا ما يكون متبادلا ويبدو أن الفرد الذي يُلعق يُظهر متعةً خلال هذه العملية. تلعق الأسود رؤوس بعضها وأعناقها أكثر الأحيان، ويظهر أنها تقوم بذلك لأجل المنفعة الخاصة، إذ أن الأسد لا يستطيع لعق هذه المناطق بمفرده، فيفعل ذلك لغيره من أعضاء الزمرة التي تردّ له الخدمة.[102]
تمتلك الأسود معرضا واسعا من التعابير الوجهيّة والأوضاع الجسديّة التي تستخدمها للتواصل البصري.[103] كما أن قائمة تعابيرها الصوتيّة كبيرة أيضا؛ فالإختلاف في حدّتها ودرجتها، عوضا عن إصدار إشارات مختلفة منها، يبدو أساسيّا للتواصل. تشمل قائمة أصوات الأسد: الزمجرة، الخرخرة، الفحيح، السعال، المواء، النفخ، والزئير. تميل الأسود لأن تزأر بطريقة مميزة للغاية، حيث تبدأ ببعض الزئير العميق الطويل الذي يليه سلسلة أقصر منه. تزأر الأسود في الليل غالبا؛ حيث ينتقل الصوت عندها على مسافة 8 كيلومترات (5.0 أميال)، ويُستخدم للإعلان عن وجود الحيوان في الموقع الذي يقبع فيه أي ضمن نطاق حوزه، وبتعبير أخر فهو يعتبر كإنذار للأسود والضواري الأخرى.[104] يعتبر زئير الأسد الأعلى درجة بين جميع أنواع السنوريات الكبرى الأخرى.
[/b][/size]
الخميس أغسطس 26, 2010 12:52 pm من طرف Admin
» المثيره للاسود والضباع ومدمج باللغة العربيه سلسلة عالم الافتراس باللغة العربية للمهتمين بعالم الحيوان المثير
الخميس أغسطس 26, 2010 12:50 pm من طرف Admin
» أسود تفترس فيل كبير من يصدق ذلك
الخميس أغسطس 26, 2010 12:49 pm من طرف Admin
» فرس النهر ينقذ غزال من فك تمساح
الخميس أغسطس 26, 2010 12:47 pm من طرف Admin
» انتقام أسد
الخميس أغسطس 26, 2010 12:46 pm من طرف Admin
» اسود ضد تمساح
الخميس أغسطس 26, 2010 12:45 pm من طرف Admin
» لاحظ الصراع الغريب بين النمر والتمساح على الفريسه
الخميس أغسطس 26, 2010 12:44 pm من طرف Admin
» ذكاء ودهاء أفعى الرمال
الخميس أغسطس 26, 2010 12:43 pm من طرف Admin
» فرس النهر ينقذ
الخميس أغسطس 26, 2010 12:42 pm من طرف Admin