الببر القزويني أو الببر الفارسي كان أقصى جمهرات الببر السيبيري انتشارا نحو الغرب، فقد كان ينتشر في إيران، العراق، أفغانستان، تركيا، منغوليا، كازاخستان، القوقاز، طاجكستان، تركستان وأوزبكستان إلى أن إنقرض في أواخر الخمسينات من القرن العشرين كما يظهر، إلا أن هناك البعض من المشاهدات العينية التي تفيد بأن هذا الحيوان لا يزال يعيش في بعض المناطق النائيةومن الأسماء الأخرى لهذه الحيوانات "النمر المتنقل" الذي كان يعرفها به شعوب القزاق بسبب عاداتها في تتبع قطعان طرئدها المهاجرة.
أظهرت دراسات سابقة أجريت على بقايا ببور قزوينيّة، أن هذه السلالة (كما كانت تعتبر حينئذ) ذات تاريخ مشترك مع السلالة السيبيريّة (الببر السيبيري) أي أنها وبتعبير أخر تشاركها النسب، حيث يظهر أن الببور القزوينية إستوطنت آسيا الوسطى منذ حوالي 10,000 سنة ومن ثم أخذت بالتحرك شرقا إلى آسيا الشمالية حيث تطوّرت إلى السلالة السيبيرية. ولكن أظهرت الأبحاث الوراثيّة في عام 2009 أن هذه الحيوانات لا يمكن أن تعتبر سلالة مستقلة، بل هي مجرد جمهرة من الببور السيبيرية، وبالتالي فلم يعد هناك من سلالة قزوينية بل أصبحت هذه الحيوانات تُجمع مع الببر السيبيري على أنها سلالة واحدة تحمل الاسم العلمي Panthera tigris altaica، بعد أن كانت الجمهرة القزوينية تحمل الاسم Panthera Tigris Virgata]
كانت الببور القزوينيّة إحدى أصناف الوحوش التي كان الرومان يٌحضرونها إلى المدرج الروماني لمقاتلة المجالدين وأصناف أخرى من الحيوانات، كما وكانت هي أكثر السلالات المعروفة لدى الحضارات القديمة في الشرق، ولعلّ هذا كان سببا أخر ساهم في تراجع أعدادها منذ قديم الزمان - أي وجودها في مناطق مرغوبة للاستيطان البشري - إلى أن انقرضت مؤخرا.
يقول البعض من العلماء أنه لم يُبذل أي مجهود يُذكر للحفاظ على هذه الحيوانات، ولكن لعلّ أن محاولات للإكثار في الأسر تمّت على نحو ضيّق بما أن هناك صورتين على الأقل لببر قزويني في حديقة حيوانات برلين، وبالإضافة لذلك فقد كان الأمير الأفغاني "أيّوب خان" يمتلك جرو ببر قزويني، والذي حصل عليه كهديّة من أمير الغجر الفارسي غيسار مسعود حفيد ناصر الدين شاه، ويُمكن رؤية هذا الجرو في صورة أخذت في منزل الأمير أيّوب خان في طهران. وبعد أن توّج الأمير ملكا على أفغانستان لم تقم الدولة أو أي من الجمعيات بمحاولة للحفاظ على هذه الببور، وبالتالي أخذت أعدادها بالتناقص شيئا فشيئا إلى أن لم يعد هناك أي منها في الأسر، ومن ثمّ لعبت عدّة عوامل دورها في إختفاء الجمهرة منها أن موطنها كان قد أصبح متجزأ بشكل كبير، كما كان يُستغل بشكل مكثّف من قبل البشر للزراعة والتحطيب، بالإضافة إلى إختفاء الطرائد الكبيرة التي كانت هذه الحيوانات تعتمد عليها في غذائها.
كان الببر القزويني أصغر حجما من أفراد الجمهرة الشرقية (الببور السيبيرية) والسلالة البنغالية، حيث كان مكتنز طويل الجسد ذو قوائم قوية وكفوف مفلطحة ومخالب ضخمة بشكل غير إعتيادي بالنسبة للببور. وإمتلك هذا الببر أذان قصيرة وصغيرة تعطي للناظر إليها مظهرا يوحي بأنها عديمة الشعر على الأطراف، كما وكان فراؤه طويلا جدا وكثيفا على طول الجسم وبشكل خاص عند الوجنتين، أما بالنسبة للون فقد ماثل لون الببر البنغالي وقد أظهرت إحدى عينات الجلد من المتحف البريطاني لونا ذهبيا ضارب إلى الصفار على طول الظهر والجانبين. وكان لون الجانبين أبهت من لون الظهر كما إختلفت أنماط ألوان الخطوط من البني الباهت إلى القاتم، بينما كان لون الصدر والبطن أبيض ذو خطوط صفراء كما الوجه المخطط بخطوط بنية على الجبهة والملطّخ ببقع واضحة بيضاء اللون حول العينين والوجنتين.
و كانت القوائم صفراء اللون على القسم الخارجي وبيضاء على القسم الداخلي بينما كان الذيل أصفرا ومخطط بخطوط بيضاء ضاربة إلى الصفار، وفي الشتاء كان معطف الببر القزويني ينمو ليصبح طويلا جدا لدرجة أن هذه الحيوانات كان ينمو لديها لبدة ضخمة على المعدة وأخرى قصيرة على مؤخرة العنق. كانت ذكور الببر القزويني ضخمة جدا حيث كانت تزن ما بين 169 و 240 كيلوغراما بينما كانت الإناث أصغر حجما حيث كانت تصل زنتها إلى ما بين 85 و 135 كيلوغراما.
العادات والتناسل
أعتبرت الببور القزوينية حيوانات انعزالية معظم أوقات السنة حيث كانت لا تختلط مع غيرها من الببور سوى في فترة التزاوج التي كانت تحصل في أي وقت من السنة إلا أن الذروة كانت تقع خلال الشتاء أو الربيع وتمتد لعشرين أو ثلاثين يوما، وإن لم تتزاوج الأنثى خلال هذه الفترة فإنها كانت تعاود الدورة النزوية في وقت لاحق. امتدت فترة حمل الأنثى قرابة 100 يوم ومن ثم كانت تلد جروين أو ثلاثة جراء عمياء لا تفتح عيونها إلا بعد عشرة أيام من ولادتها، وكانت الأم كجميع إناث السلالات الأخرى تقوم بتربية جرائها وحدها وترضعها لثمانية أسابيع ولا تخرجها من العرين قبل بلوغها أسبوعها الثاني. وتبقى الجراء تعتمد على أمها حتى بلوغها أسبوعها الحادي عشر أي عندما تستطيع الصيد بمفردها، وكانت إناث الببر القزويني لا تحمل إلا كل 3 أو 4 سنوات مثل باقي السلالات أي الفترة التي تصبح فيها الجراء مستقلة عن والدتها. كان أمد حياة الببر القزويني يمتد ما بين عشرة وخمسة عشر سنة.
[عدل] تاريخ الجمهرة
[عدل] الببر القزويني في الحلبات الرومانية
كانت هذه الببور الأكثر شيوعا بين جميع السلالات والجمهرات الأخرى في حلبات المجالدة الرومانية بما أنها كانت الأقرب موطنا إلى الإمبراطورية الرومانية حيث كانت تقطن حدودها الشرقية في القوقاز وبلاد ما بين النهرين وبلاد فارس وبالتالي فكانت أسهل سلالة يمكن القبض عليها بما أن باقي السلالات كانت تتواجد في مواطن بعيدة. وكان أول ببر يصل إلى روما هدية من السفير الهندي إلى الإمبراطور أغسطس في العام 19 ق. م. استخدم الرومان هذه الببور لقتال المجالدين وأصناف متعددة من الحيوانات مثل الأسد الأوروبي والأسد البربري والأرخص وغيرها.
بدأت جمهرة الببور القزوينية تظهر تراجعا منذ منتصف القرن التاسع عشر عندما قتلت بضعة ببور في موقع يبعد 180 كيلومترا عن منطقة أتبسار في كازاخستان وقرب بارنول في روسيا، ومنذ ذلك الحين أخذت الببور القزوينية تتناقص شيئا فشيئا في العديد من الدول، فقتل أخر ببر قزويني في العراق قرب الموصل في عام 1887[6] وتبعه عام 1899 الببر القزويني الأخير في الصين قرب مصب نهر لوب نور في إقليم إكسينجينغ. وبحلول العشرينات من القرن العشرين كان الببر القزويني قد إختفي كليا من منطقة مصب نهر تاريم في الصين، وفي عام 1922 قتل أخر ببر في القوقاز قرب تبليسي في جورجيا بعد أن إصطاد إحدى المواشي المستأنسة، ويعود أخر تقرير عن مشاهدة عينيّة للببر القزويني قرب بحيرة بالكاش في الصين إلى العام 1948
قامت الحكومة الروسية خلال أوائل القرن العشرين وعند قيامها بمشروع لاستصلاح الأراضي ببذل مجهود كبير للقضاء على الببور القزوينية حيث إعتبرت أن وجودها يعتبر معرقلا لتنفيذ المشروع وبالتالي أصدرت أوامرها للجيش الروسي بقتل جميع الببور التي تقطن المنطقة المحيطة ببحر قزوين، وقد نفذ هذا الأمر بنجاح. وما أن إكتملت إبادة الببور حتى انتقل المزارعين إلى المنطقة وقاموا بإزالة الغابات وزرع المحاصيل الزراعية بدلا منها مثل الأرز والقطن، وقد أدى هذا الاستصلاح بالإضافة إلى عمليات التحطيب والصيد إلى تراجع الببور القزوينية من الأراضي المنخفضة الخصبة إلى غابات الهضاب ومن ثم إلى الأراضي السبخة وبعض أحواض الأنهار الكبيرة وإلى الجبال أخيرا إلى أن أعتبرت منقرضة بشكل مؤكد تقريبا. وكانت منطقة تيغروفايا بالكا هي الموقع الأخير في الإتحاد السوفياتي السابق التي تواجد فيها الببر القزويني وقد استمرت التقارير حول المشاهدات العينية لهذا الحيوان في تلك المنطقة بالورود حتى منتصف الخمسينات إلا أن مصداقيتها مشكوك بأمرها.
و تفيد بعض التقارير أن أخر ببر قزويني في إيران قتل في شمال البلاد أو في منتزه غولستان القومي خلال عام 1959 وكان هذا يعتبر أخر الببور القزوينية الأصيلة من المنطقة، إلا أن بعض التقارير الأخرى تفيد أن أخر الببور القزوينية قتل في الصين قرب حوض نهر ماناس في جبال تيان تشان خلال الستينات من القرن العشرين.[8] وقد وردت إفادة عن إحدى المشاهدات العينية الغير مؤكدة من منطقة نوكوس حيث الفروع السفلى لنهر آمو داريا قرب بحر آرال في عام 1968، ووردت تقارير أخرى عن إختفاء هذه الحيوانات كليا من منطقة الحدود التركمانية الأوزبكستانية الأفغانية خلال أوائل السبعينات كما زُعم أنه تم توثيق عملية صيد لإحدى هذه الببور في تركيا في عام 1970، حتى أن أحد التقارير تفيد أن أخر ببر قزويني قتل في شمالي أفغانستان في عام 1997.
يعتبر القول بأن الببر القزويني إنقرض خلال أواخر الخمسينات من القرن العشرين هو القول الأقرب إلى الصحة إلا أنه ليس هناك من أدلة لتدعمه، ويبدو بأن هذا الإدعاء أعتبر صحيحا بعدما قال به المؤلف ه. زيي في كتابه "المرشد لثدييات إيران". إلا أن مؤلفا أخر هو إ. فيروز يظهر في كتابه "دليل لحيوانات إيران، 1999" أن الببر القزويني إنقرض في فترة سابقة عن تلك التي قال بها المؤلف الأول حيث يقول بأن أخر تلك الحيوانات قتل في محافظة مازاندران الشرقية في شمالي إيران خلال عام 1947 قرب إحدى القرى. وخلاصة الأمر أنه يمكن القول بأن تاريخ انقراض هذه الببور غير مؤكد ولا يعرفه أحد على وجه الدقة.
[عدل] المشاهدات العينية والشكوك المحيطة بإنقراض الجمهرة
تم أخذ المعلومات الواردة أدناه من تقرير مكون من 29 صفحة للمجلس الأوروبي بشأن" تصنيف، صيانة، والحفاظ على الضواري الكبرى في تركيا، ستراسبورغ - فرنسا - 2004".
"كان القرويون الأتراك يعلمون بوجود الببر القزويني في البلاد في مستهل القرن العشرين (الجريدة الرسمية التركية، 1937)، إلا أنه وبعد الإعلان عن انقراض السلالة في الخمسينات لم يصدق علماء الحيوان حول العالم بأن موطن هذه الحيوانات لا يزال يشمل شرقي تركيا (الدكتور جورج شالّر، أنقرة - تركيا - اتصالات خاصة - 2003) إلا أنه في الواقع استمرت هذه السلالة بالتواجد حتى السبعينات عندما أظهرت بعض الدراسات التي قام بها بول جوسلين بأنه لم يعد هناك من أثار لأي ببر قزويني في إيران وبالتالي إستنتج بأنه تمت إبادة جميع الأفراد. ولم يتأكد خبراء السنوريات العالميين من وجود الببر القزويني في تركيا إلا عام 1970 عندما قتل ببر في إقليم هكّاري، وبعد ثلاث سنوات قام أحد علماء النبات بزيارة المنطقة حيث رأى وصوّر جلد ذلك الببر ومن ثم قام بنشر القصة".
كما وقام العلماء الأتراك بالتوصل إلى بعض المعلومات حول وجود الببر القزويني أثناء قيامهم بدراسة ميدانية.
"تم إجراء دراسة لتحديد أصناف الثدييات الكبيرة وتوزعها في المنطقة في إطار أعمال برنامج بحوث المؤسسة العالمية للحياة البرية لتحديد التنوع الحيوي في جنوب شرق الأناضول (كان وليز 2004)، وقد تم وضع إستمارة ووزعت على 450 مركزا عسكريا كخطوة أولى لجمع معلومات عن الثدييات الكبيرة في جنوب شرق تركيا، وإحتوت الإستمارة على أسئلة تتعلق بوجود أصناف الثدييات الكبيرة وألحق بكل من الإستمارات ملصق للمجتمع التركي للحفاظ على البيئة (الذي أصبح الفرع التركي للمؤسسة العالمية للحياة البرية فيما بعد). وقد قام عدد من العسكريون بتعبئة الإستمارات بمساعدة السكان المحليين ومن ثم تمت إعادة 428 إستمارة إلى المؤسسة، وقد تضمنت الإستمارات أيضا أسئلة متعلقة بالانتشار التاريخي للببور في المنطقة ومن ثم تم استخدام نتائج هذه البحوث لتحديد المناطق التي سيتم فيها تركيز الدراسة الميدانية.
و أظهرت الإستمارات أن بعض العسكريين سمعوا شائعات عن وجود سنوريات كبيرة في المنطقة، وخلال بعض المقابلات مع القرويين قام فريق الثدييات بتجميع مختلف الشائعات حول وجود تلك الحيوانات كما إستمع لأقوال بعض السكان المحليين حول سماعهم زئيرا يصدر من عدة مواقع، وبالإضافة إلى ذلك فقد زعم بوجود تجارة محلية لجلد الببور في المنطقة حيث كان يقتل ثلاث أو خمسة ببور في كل سنة لبيع جلدها للإقطاعيين الأثرياء في العراق وذلك خلال منتصف الثمانينات، وهذا يؤكد قول بعض الباحثين الذين قالوا بأن ما بين ببرا واحدا وثمانية ببور يتم قتلهم سنويا في شرقي البلاد. وبالنظر إلى هذه الأقوال التي تفيد بأن صيد ما يقارب ثمانية ببور سنويا كان أمرا معهودا حتى منتصف الثمانينات، يمكن القول أن الببر الذي قتل في إقليم هكّاري كان صغير السن بحسب ما تظهره أنماط خطوطه. ويرجح بعد هذا إلى أن الببر القزويني استمر بالتواجد في شرقي تركيا حتى أوائل التسعينات ولم يعرف هذا قبلا بسبب قلة الاهتمام بالأمر ولأسباب أمنية متعددة منعت الباحثين من إجراء دراسات في شرقي الأناضول".
يعتقد العلماء بأن هذه المشاهدات والأقوال القصصية لا تثبت قطعا أن الببر القزويني استمر بالتواجد حتى فترة قريبة في تركيا، ولذلك فهم يعتقدون أنهم يجب أن يبحثوا بهذه المسألة بتدقيق أكبر وحددوا عام 2006 كموعد لبدئ هذا البحث إلا أن أحدا لم يقم به.
[عدل] مشاهدات عينية
لا تزال التقارير التي تفيد بمشاهدات عينية للببر القزويني تتوافد على الإعلام، وقد ظهر العديد منها من أفغانستان والذي يفيد بضبط علامات خدوش على الأشجار كما وردت بعض التقارير الأخرى من مواقع أخرى مثل تركستان، إلا أن جميع هذه الإدعاءات تفتقر إلى الدليل القاطع لدعمها. كما أقترح البعض بأن الحيوان الذي يشاهده العديد من الناس لعله النمر الفارسي بدلا من الببر، وعلى كل الأحوال فإن فرص بقاء الببر القزويني في أفغانستان تقلصت أو إنعدمت بعد اندلاع العديد من الحروب والنزاعات في تلك الدولة.
تعتبر علامات الخدوش والمشاهدات العينية وحتى الهجوم على البشر والحيوانات دلائل غير كافية بنظر الخبراء ما لم تقرن بصور، وبالتالي لا يوجد من الأدلة ما يكفي للقول بأن الببر القزويني ما يزال حيا اليوم، ويبدو بأن هذه المسألة لن تحسم إلا بعد الانتهاء من النظر في التقارير التركية في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين[img]
أظهرت دراسات سابقة أجريت على بقايا ببور قزوينيّة، أن هذه السلالة (كما كانت تعتبر حينئذ) ذات تاريخ مشترك مع السلالة السيبيريّة (الببر السيبيري) أي أنها وبتعبير أخر تشاركها النسب، حيث يظهر أن الببور القزوينية إستوطنت آسيا الوسطى منذ حوالي 10,000 سنة ومن ثم أخذت بالتحرك شرقا إلى آسيا الشمالية حيث تطوّرت إلى السلالة السيبيرية. ولكن أظهرت الأبحاث الوراثيّة في عام 2009 أن هذه الحيوانات لا يمكن أن تعتبر سلالة مستقلة، بل هي مجرد جمهرة من الببور السيبيرية، وبالتالي فلم يعد هناك من سلالة قزوينية بل أصبحت هذه الحيوانات تُجمع مع الببر السيبيري على أنها سلالة واحدة تحمل الاسم العلمي Panthera tigris altaica، بعد أن كانت الجمهرة القزوينية تحمل الاسم Panthera Tigris Virgata]
كانت الببور القزوينيّة إحدى أصناف الوحوش التي كان الرومان يٌحضرونها إلى المدرج الروماني لمقاتلة المجالدين وأصناف أخرى من الحيوانات، كما وكانت هي أكثر السلالات المعروفة لدى الحضارات القديمة في الشرق، ولعلّ هذا كان سببا أخر ساهم في تراجع أعدادها منذ قديم الزمان - أي وجودها في مناطق مرغوبة للاستيطان البشري - إلى أن انقرضت مؤخرا.
يقول البعض من العلماء أنه لم يُبذل أي مجهود يُذكر للحفاظ على هذه الحيوانات، ولكن لعلّ أن محاولات للإكثار في الأسر تمّت على نحو ضيّق بما أن هناك صورتين على الأقل لببر قزويني في حديقة حيوانات برلين، وبالإضافة لذلك فقد كان الأمير الأفغاني "أيّوب خان" يمتلك جرو ببر قزويني، والذي حصل عليه كهديّة من أمير الغجر الفارسي غيسار مسعود حفيد ناصر الدين شاه، ويُمكن رؤية هذا الجرو في صورة أخذت في منزل الأمير أيّوب خان في طهران. وبعد أن توّج الأمير ملكا على أفغانستان لم تقم الدولة أو أي من الجمعيات بمحاولة للحفاظ على هذه الببور، وبالتالي أخذت أعدادها بالتناقص شيئا فشيئا إلى أن لم يعد هناك أي منها في الأسر، ومن ثمّ لعبت عدّة عوامل دورها في إختفاء الجمهرة منها أن موطنها كان قد أصبح متجزأ بشكل كبير، كما كان يُستغل بشكل مكثّف من قبل البشر للزراعة والتحطيب، بالإضافة إلى إختفاء الطرائد الكبيرة التي كانت هذه الحيوانات تعتمد عليها في غذائها.
كان الببر القزويني أصغر حجما من أفراد الجمهرة الشرقية (الببور السيبيرية) والسلالة البنغالية، حيث كان مكتنز طويل الجسد ذو قوائم قوية وكفوف مفلطحة ومخالب ضخمة بشكل غير إعتيادي بالنسبة للببور. وإمتلك هذا الببر أذان قصيرة وصغيرة تعطي للناظر إليها مظهرا يوحي بأنها عديمة الشعر على الأطراف، كما وكان فراؤه طويلا جدا وكثيفا على طول الجسم وبشكل خاص عند الوجنتين، أما بالنسبة للون فقد ماثل لون الببر البنغالي وقد أظهرت إحدى عينات الجلد من المتحف البريطاني لونا ذهبيا ضارب إلى الصفار على طول الظهر والجانبين. وكان لون الجانبين أبهت من لون الظهر كما إختلفت أنماط ألوان الخطوط من البني الباهت إلى القاتم، بينما كان لون الصدر والبطن أبيض ذو خطوط صفراء كما الوجه المخطط بخطوط بنية على الجبهة والملطّخ ببقع واضحة بيضاء اللون حول العينين والوجنتين.
و كانت القوائم صفراء اللون على القسم الخارجي وبيضاء على القسم الداخلي بينما كان الذيل أصفرا ومخطط بخطوط بيضاء ضاربة إلى الصفار، وفي الشتاء كان معطف الببر القزويني ينمو ليصبح طويلا جدا لدرجة أن هذه الحيوانات كان ينمو لديها لبدة ضخمة على المعدة وأخرى قصيرة على مؤخرة العنق. كانت ذكور الببر القزويني ضخمة جدا حيث كانت تزن ما بين 169 و 240 كيلوغراما بينما كانت الإناث أصغر حجما حيث كانت تصل زنتها إلى ما بين 85 و 135 كيلوغراما.
العادات والتناسل
أعتبرت الببور القزوينية حيوانات انعزالية معظم أوقات السنة حيث كانت لا تختلط مع غيرها من الببور سوى في فترة التزاوج التي كانت تحصل في أي وقت من السنة إلا أن الذروة كانت تقع خلال الشتاء أو الربيع وتمتد لعشرين أو ثلاثين يوما، وإن لم تتزاوج الأنثى خلال هذه الفترة فإنها كانت تعاود الدورة النزوية في وقت لاحق. امتدت فترة حمل الأنثى قرابة 100 يوم ومن ثم كانت تلد جروين أو ثلاثة جراء عمياء لا تفتح عيونها إلا بعد عشرة أيام من ولادتها، وكانت الأم كجميع إناث السلالات الأخرى تقوم بتربية جرائها وحدها وترضعها لثمانية أسابيع ولا تخرجها من العرين قبل بلوغها أسبوعها الثاني. وتبقى الجراء تعتمد على أمها حتى بلوغها أسبوعها الحادي عشر أي عندما تستطيع الصيد بمفردها، وكانت إناث الببر القزويني لا تحمل إلا كل 3 أو 4 سنوات مثل باقي السلالات أي الفترة التي تصبح فيها الجراء مستقلة عن والدتها. كان أمد حياة الببر القزويني يمتد ما بين عشرة وخمسة عشر سنة.
[عدل] تاريخ الجمهرة
[عدل] الببر القزويني في الحلبات الرومانية
كانت هذه الببور الأكثر شيوعا بين جميع السلالات والجمهرات الأخرى في حلبات المجالدة الرومانية بما أنها كانت الأقرب موطنا إلى الإمبراطورية الرومانية حيث كانت تقطن حدودها الشرقية في القوقاز وبلاد ما بين النهرين وبلاد فارس وبالتالي فكانت أسهل سلالة يمكن القبض عليها بما أن باقي السلالات كانت تتواجد في مواطن بعيدة. وكان أول ببر يصل إلى روما هدية من السفير الهندي إلى الإمبراطور أغسطس في العام 19 ق. م. استخدم الرومان هذه الببور لقتال المجالدين وأصناف متعددة من الحيوانات مثل الأسد الأوروبي والأسد البربري والأرخص وغيرها.
بدأت جمهرة الببور القزوينية تظهر تراجعا منذ منتصف القرن التاسع عشر عندما قتلت بضعة ببور في موقع يبعد 180 كيلومترا عن منطقة أتبسار في كازاخستان وقرب بارنول في روسيا، ومنذ ذلك الحين أخذت الببور القزوينية تتناقص شيئا فشيئا في العديد من الدول، فقتل أخر ببر قزويني في العراق قرب الموصل في عام 1887[6] وتبعه عام 1899 الببر القزويني الأخير في الصين قرب مصب نهر لوب نور في إقليم إكسينجينغ. وبحلول العشرينات من القرن العشرين كان الببر القزويني قد إختفي كليا من منطقة مصب نهر تاريم في الصين، وفي عام 1922 قتل أخر ببر في القوقاز قرب تبليسي في جورجيا بعد أن إصطاد إحدى المواشي المستأنسة، ويعود أخر تقرير عن مشاهدة عينيّة للببر القزويني قرب بحيرة بالكاش في الصين إلى العام 1948
قامت الحكومة الروسية خلال أوائل القرن العشرين وعند قيامها بمشروع لاستصلاح الأراضي ببذل مجهود كبير للقضاء على الببور القزوينية حيث إعتبرت أن وجودها يعتبر معرقلا لتنفيذ المشروع وبالتالي أصدرت أوامرها للجيش الروسي بقتل جميع الببور التي تقطن المنطقة المحيطة ببحر قزوين، وقد نفذ هذا الأمر بنجاح. وما أن إكتملت إبادة الببور حتى انتقل المزارعين إلى المنطقة وقاموا بإزالة الغابات وزرع المحاصيل الزراعية بدلا منها مثل الأرز والقطن، وقد أدى هذا الاستصلاح بالإضافة إلى عمليات التحطيب والصيد إلى تراجع الببور القزوينية من الأراضي المنخفضة الخصبة إلى غابات الهضاب ومن ثم إلى الأراضي السبخة وبعض أحواض الأنهار الكبيرة وإلى الجبال أخيرا إلى أن أعتبرت منقرضة بشكل مؤكد تقريبا. وكانت منطقة تيغروفايا بالكا هي الموقع الأخير في الإتحاد السوفياتي السابق التي تواجد فيها الببر القزويني وقد استمرت التقارير حول المشاهدات العينية لهذا الحيوان في تلك المنطقة بالورود حتى منتصف الخمسينات إلا أن مصداقيتها مشكوك بأمرها.
و تفيد بعض التقارير أن أخر ببر قزويني في إيران قتل في شمال البلاد أو في منتزه غولستان القومي خلال عام 1959 وكان هذا يعتبر أخر الببور القزوينية الأصيلة من المنطقة، إلا أن بعض التقارير الأخرى تفيد أن أخر الببور القزوينية قتل في الصين قرب حوض نهر ماناس في جبال تيان تشان خلال الستينات من القرن العشرين.[8] وقد وردت إفادة عن إحدى المشاهدات العينية الغير مؤكدة من منطقة نوكوس حيث الفروع السفلى لنهر آمو داريا قرب بحر آرال في عام 1968، ووردت تقارير أخرى عن إختفاء هذه الحيوانات كليا من منطقة الحدود التركمانية الأوزبكستانية الأفغانية خلال أوائل السبعينات كما زُعم أنه تم توثيق عملية صيد لإحدى هذه الببور في تركيا في عام 1970، حتى أن أحد التقارير تفيد أن أخر ببر قزويني قتل في شمالي أفغانستان في عام 1997.
يعتبر القول بأن الببر القزويني إنقرض خلال أواخر الخمسينات من القرن العشرين هو القول الأقرب إلى الصحة إلا أنه ليس هناك من أدلة لتدعمه، ويبدو بأن هذا الإدعاء أعتبر صحيحا بعدما قال به المؤلف ه. زيي في كتابه "المرشد لثدييات إيران". إلا أن مؤلفا أخر هو إ. فيروز يظهر في كتابه "دليل لحيوانات إيران، 1999" أن الببر القزويني إنقرض في فترة سابقة عن تلك التي قال بها المؤلف الأول حيث يقول بأن أخر تلك الحيوانات قتل في محافظة مازاندران الشرقية في شمالي إيران خلال عام 1947 قرب إحدى القرى. وخلاصة الأمر أنه يمكن القول بأن تاريخ انقراض هذه الببور غير مؤكد ولا يعرفه أحد على وجه الدقة.
[عدل] المشاهدات العينية والشكوك المحيطة بإنقراض الجمهرة
تم أخذ المعلومات الواردة أدناه من تقرير مكون من 29 صفحة للمجلس الأوروبي بشأن" تصنيف، صيانة، والحفاظ على الضواري الكبرى في تركيا، ستراسبورغ - فرنسا - 2004".
"كان القرويون الأتراك يعلمون بوجود الببر القزويني في البلاد في مستهل القرن العشرين (الجريدة الرسمية التركية، 1937)، إلا أنه وبعد الإعلان عن انقراض السلالة في الخمسينات لم يصدق علماء الحيوان حول العالم بأن موطن هذه الحيوانات لا يزال يشمل شرقي تركيا (الدكتور جورج شالّر، أنقرة - تركيا - اتصالات خاصة - 2003) إلا أنه في الواقع استمرت هذه السلالة بالتواجد حتى السبعينات عندما أظهرت بعض الدراسات التي قام بها بول جوسلين بأنه لم يعد هناك من أثار لأي ببر قزويني في إيران وبالتالي إستنتج بأنه تمت إبادة جميع الأفراد. ولم يتأكد خبراء السنوريات العالميين من وجود الببر القزويني في تركيا إلا عام 1970 عندما قتل ببر في إقليم هكّاري، وبعد ثلاث سنوات قام أحد علماء النبات بزيارة المنطقة حيث رأى وصوّر جلد ذلك الببر ومن ثم قام بنشر القصة".
كما وقام العلماء الأتراك بالتوصل إلى بعض المعلومات حول وجود الببر القزويني أثناء قيامهم بدراسة ميدانية.
"تم إجراء دراسة لتحديد أصناف الثدييات الكبيرة وتوزعها في المنطقة في إطار أعمال برنامج بحوث المؤسسة العالمية للحياة البرية لتحديد التنوع الحيوي في جنوب شرق الأناضول (كان وليز 2004)، وقد تم وضع إستمارة ووزعت على 450 مركزا عسكريا كخطوة أولى لجمع معلومات عن الثدييات الكبيرة في جنوب شرق تركيا، وإحتوت الإستمارة على أسئلة تتعلق بوجود أصناف الثدييات الكبيرة وألحق بكل من الإستمارات ملصق للمجتمع التركي للحفاظ على البيئة (الذي أصبح الفرع التركي للمؤسسة العالمية للحياة البرية فيما بعد). وقد قام عدد من العسكريون بتعبئة الإستمارات بمساعدة السكان المحليين ومن ثم تمت إعادة 428 إستمارة إلى المؤسسة، وقد تضمنت الإستمارات أيضا أسئلة متعلقة بالانتشار التاريخي للببور في المنطقة ومن ثم تم استخدام نتائج هذه البحوث لتحديد المناطق التي سيتم فيها تركيز الدراسة الميدانية.
و أظهرت الإستمارات أن بعض العسكريين سمعوا شائعات عن وجود سنوريات كبيرة في المنطقة، وخلال بعض المقابلات مع القرويين قام فريق الثدييات بتجميع مختلف الشائعات حول وجود تلك الحيوانات كما إستمع لأقوال بعض السكان المحليين حول سماعهم زئيرا يصدر من عدة مواقع، وبالإضافة إلى ذلك فقد زعم بوجود تجارة محلية لجلد الببور في المنطقة حيث كان يقتل ثلاث أو خمسة ببور في كل سنة لبيع جلدها للإقطاعيين الأثرياء في العراق وذلك خلال منتصف الثمانينات، وهذا يؤكد قول بعض الباحثين الذين قالوا بأن ما بين ببرا واحدا وثمانية ببور يتم قتلهم سنويا في شرقي البلاد. وبالنظر إلى هذه الأقوال التي تفيد بأن صيد ما يقارب ثمانية ببور سنويا كان أمرا معهودا حتى منتصف الثمانينات، يمكن القول أن الببر الذي قتل في إقليم هكّاري كان صغير السن بحسب ما تظهره أنماط خطوطه. ويرجح بعد هذا إلى أن الببر القزويني استمر بالتواجد في شرقي تركيا حتى أوائل التسعينات ولم يعرف هذا قبلا بسبب قلة الاهتمام بالأمر ولأسباب أمنية متعددة منعت الباحثين من إجراء دراسات في شرقي الأناضول".
يعتقد العلماء بأن هذه المشاهدات والأقوال القصصية لا تثبت قطعا أن الببر القزويني استمر بالتواجد حتى فترة قريبة في تركيا، ولذلك فهم يعتقدون أنهم يجب أن يبحثوا بهذه المسألة بتدقيق أكبر وحددوا عام 2006 كموعد لبدئ هذا البحث إلا أن أحدا لم يقم به.
[عدل] مشاهدات عينية
لا تزال التقارير التي تفيد بمشاهدات عينية للببر القزويني تتوافد على الإعلام، وقد ظهر العديد منها من أفغانستان والذي يفيد بضبط علامات خدوش على الأشجار كما وردت بعض التقارير الأخرى من مواقع أخرى مثل تركستان، إلا أن جميع هذه الإدعاءات تفتقر إلى الدليل القاطع لدعمها. كما أقترح البعض بأن الحيوان الذي يشاهده العديد من الناس لعله النمر الفارسي بدلا من الببر، وعلى كل الأحوال فإن فرص بقاء الببر القزويني في أفغانستان تقلصت أو إنعدمت بعد اندلاع العديد من الحروب والنزاعات في تلك الدولة.
تعتبر علامات الخدوش والمشاهدات العينية وحتى الهجوم على البشر والحيوانات دلائل غير كافية بنظر الخبراء ما لم تقرن بصور، وبالتالي لا يوجد من الأدلة ما يكفي للقول بأن الببر القزويني ما يزال حيا اليوم، ويبدو بأن هذه المسألة لن تحسم إلا بعد الانتهاء من النظر في التقارير التركية في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين[img]
الخميس أغسطس 26, 2010 12:52 pm من طرف Admin
» المثيره للاسود والضباع ومدمج باللغة العربيه سلسلة عالم الافتراس باللغة العربية للمهتمين بعالم الحيوان المثير
الخميس أغسطس 26, 2010 12:50 pm من طرف Admin
» أسود تفترس فيل كبير من يصدق ذلك
الخميس أغسطس 26, 2010 12:49 pm من طرف Admin
» فرس النهر ينقذ غزال من فك تمساح
الخميس أغسطس 26, 2010 12:47 pm من طرف Admin
» انتقام أسد
الخميس أغسطس 26, 2010 12:46 pm من طرف Admin
» اسود ضد تمساح
الخميس أغسطس 26, 2010 12:45 pm من طرف Admin
» لاحظ الصراع الغريب بين النمر والتمساح على الفريسه
الخميس أغسطس 26, 2010 12:44 pm من طرف Admin
» ذكاء ودهاء أفعى الرمال
الخميس أغسطس 26, 2010 12:43 pm من طرف Admin
» فرس النهر ينقذ
الخميس أغسطس 26, 2010 12:42 pm من طرف Admin